د. عبدالواحد الحميد
النتائج المتدنية للمتقدمين لاختبارات المركز الوطني للقياس والتقويم «قياس» لا تعني أن المتخرجين من جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية يفتقرون إلى الذكاء والقدرة على الاستيعاب وإنما تعني في المقام الأول ان المناهج التي تُدَرّس في بعض جامعاتنا ومدارسنا ومؤسساتنا التعليمية متخلفة وعاجزة عن إعداد الخريجين كي يكونوا بالمستوى الذي يليق بالمؤهلات الدراسية التي يحملونها.
من غير المعقول أن يفشل 228 ألف متقدم لاختبار «كفايات» المعلمين من اجتياز الاختبار الذي تقدم له 570 ألفاً لمجرد أن المتقدمين يفتقرون إلى الإمكانات الذهنية الكافية التي تؤهلهم للعمل في قطاع التدريس! وحتى لو قلنا: إن بعض من أخفقوا في اجتياز اختبار كفايات المعلمين كانت تنقصهم المعلومات أو المهارات ذات العلاقة بالتربية والتعليم فإنه من غير المتصور أن يؤدي الضعف في هذا الجانب إلى إخفاق حوالي أربعين بالمائة من المتقدمين! وقد أوضح رئيس المركز الأمير الدكتور فيصل المشاري، بشكل محدد، أن الاختبار أظهر ضعفاً في اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية؛ فماذا بقي إذن؟ في السابق كانت النتائج الدراسية المتمثلة بالشهادات التي تمنحها المدارس والجامعات للخريجين هي وحدها التي تحدد مستوياتهم، ثم اتضح أن هذه الشهادات لا تعكس المستوى الحقيقي وذلك بعد تطوير الاختبارات المتنوعة التي يعدها المركز الوطني للقياس والتقويم، وهذا يشير إلى خلل كبير في المناهج الدراسية.
من المؤكد أن وجود خلل في المناهج الدراسية ليس ذنب المتخرجين، ولكن وفق الترتيبات القائمة في الوقت الحاضر فإن الخريجين هم الذي يتحملون تبعات هذا الخلل سواء عندما يُطلب منهم إعادة اجتياز اختبارات مركز «قياس» أو عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على الحصول على وظائف أو على قبول من الجامعات لإكمال الدراسة. لست ضد المركز الوطني للقياس والتقويم، بل أرى أن وجوده أمرٌ صحي وضروري مثلما هي الحال في جميع الدول المتقدمة لكنني أرى أن من غير العدل أن يتحمل المتخرجون وحدهم تبعة إخفاقهم في اجتياز اختبارات المركز.
ومن المؤكد أن الخطوة الأولى في العلاج هي أن يتم تطوير المناهج الدراسية وفق ما بينته التجارب المتراكمة لدى المركز الوطني للقياس والتقويم حول جوانب الضعف لدى الخريجين.
باختصار، الخلل ليس في الخريجين وإنما في المناهج الدراسية التي لا تُعِدَّهم الإعداد المناسب. اصلحوا المناهج، قبل أن تتوقعوا نتائج صالحة من الخريجين.