د. عبدالواحد الحميد
الزيادة السنوية لعدد المصابين في أمراض الكلى بالمملكة مرعبة حقاً! فطبقاً لما أفاد به المركز السعودي لزراعة الأعضاء بلغت نسبة الزيادة السنوية أكثر من 7 بالمائة!!
وعندما نتأمل الأرقام المخيفة عن عدد المصابين بمرض السكر فإننا لا نستغرب أن تصل نسبة المصابين بأمراض الكلى إلى أكثر من سبعة بالمائة، والخوف كل الخوف هو أن تتزايد هذه النسبة إلى أكثر من ذلك بكثير لأن مرض السكر هو أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بأمراض الكلى كما يقول الأطباء.
المشكلة هي أن معظم الناس فيما يبدو لا يهتمون بهذه الحقيقة التي لم تعد خافية على أحد، فرغم التوعية التي تبذلها الجهات الصحية الرسمية والأهلية بالأخطار الفظيعة التي يسببها مرض السكر للكلى وللعيون ولجميع أعضاء الجسم فإن نمط الحياة الذي يتبعه الناس أبعد ما يكون عن النمط المثالي الذي يجنبهم الوقوع في هذه المشاكل.
فالرياضة تكاد تكون معدومة في البرنامج اليومي لمعظم السعوديين ما عدا متابعة مباريات كرة القدم عن طريق مشاهدة شاشات التلفزيون أو حضور المباريات في الملاعب، أما عادات الأكل والتغذية فتكاد تكون مصممة بحيث تجلب مرض السكر حتى لأكثر الأجسام قدرة على مقاومة المرض!!
هذه الزيادة المضطردة في عدد السعوديين المصابين بأمراض الكلى تشكل ضعطاً متزايداً على الخدمات الصحية، كما أنها تمثل نزيفاً على الاقتصاد الوطني من خلال تخفيض إنتاجية المواطن الذي يحتاج إلى الغسيل الكلوي ويقضي أوقاتاً طويلة بين مواعيد الغسيل وفترات النقاهة، فضلاً عن المعاناة التي يتعرض لها المريض وتسلب منه هناء العيش والاستمتاع بحياة طبيعية كغيره من الناس.
كما أن تزايد عدد مرضى الكلى يضع عبئا كبيراً على المركز السعودي لزراعة الأعضاء للحصول على متبرعين بالكلى. فمعلوم أن الطلب على الكلى للزراعة أكبر مما هو متاح بسبب عدم الإقبال على التبرع سواء من الأحياء أو من الأشخاص المتوفين دماغياً.
ويرى بعض المتخصصين أنه إذا ما استمرت الأمور على هذا النحو، فإن المجتمع سوف يواجه أزمة صحية فادحة. فالكلى مثل بقية اعضاء الجسم البشري ليست سلعاً يمكن استيرادها من الخارج، كما أن عمليات الزراعة في الخارج ليست ميسرة مثلما كانت سابقاً، فضلاً عن المخاطر الصحية الكبيرة التي يتعرض لها المريض الذي تُجرى له عملية الزراعة بسبب انتقال الأمراض من المتبرع إلى المُتَبَرع له وما قد يتعرض له من نصب واحتيال.
هذه المعضلة تتطلب من الجهات الصحية والعلمية تكريس المزيد من الجهود لتسليط الضوء على خطورة مرض السكر وما يؤدي إليه من أمراض أخرى تصيب كل أجزاء البدن، وفي مقدمتها الكلى والعيون. لا نريد أن ننتظر حتى يصل الأمر إلى درجة الوباء، وهذا يحتم على الجميع مضاعفة الجهود واستخدام كل طريقة ممكنة لتوعية الناس وتحذيرهم من هذه المخاطر.