د. عبدالواحد الحميد
قضية لا يتم التعامل معها بالجدية الكافية، بل إنّ الناس أصبحوا يتعاملون معها كأمر واقع وكقدر لا يمكن الفرار منه. هذه القضية، من فرط تكرار الحديث والكتابة عنها، أصبح نقاشها ومعاودة الكتابة عنها والتذكير بها أمراً يكاد يكون مبتذلاً!
أتحدث هنا عن المضايقات التي يتعرض لها الإنسان في الطريق حين يقود سيارته فيُفاجأ بالعابثين المتهورين الذين لا يردعهم نظام ولا يخافون من أحد ولا يملكون الحد الأدنى من الحس الحضاري، فضلاً عن الأخلاق التي تمنع الإنسان المهذب من مضايقة الآخرين.
هذا الأمر اعتدنا عليه، فصار الواحد منها يقود سيارته وهو يتوجس خيفة من أي حدث طارئ، فقد يقطع عليك الطريق مراهق مغامر يقود سيارته بجنون، أو تتجاوزك سيارة متهالكة تاركة وراءها سحابة هائلة من الدخان الذي يكتم الأنفاس، وحين تلتفت تجد سائقها السعيد هو أحد أحبابنا من العمالة الوافدة البسيطة التي تعلمت القيادة في شوارع الرياض حيث لا رقيب ولا حسيب.
المعادلة هنا في شوارعنا واضحة وبسيطة: «من سبق لبق»!! فإذا كنت ستقود سيارتك وفق النظام الصحيح وتحترم حقوق الآخرين، بمن فيهم المشاة الذين يقطعون الطريق كيفما اتفق، وتراقب السيارات القادمة ذات الأولوية في المرور وتنتبه إلى الإشارات الحمراء، فإن المأمول هو أن تصل إلى نهاية مشوارك بالسلامة، ولكنك قطعاً ستصل متاخراً لأنّ مخالفي المرور الذين يطبقون شعار «من سبق لبق» سوف يصلون قبلك إما أحياءً أو أمواتاً.
لهذا نجد أنّ نسبة الحوادث عندنا مخيفة جداً، والفوضى العارمة في شوارعنا لا تعطي الأجنبي الزائر سوى أسوأ الانطباعات عنا، والمرور يغط في سبات عميق وكأن الأمر لا يعنيه وإنما هو من اختصاص إدارات المرور في جزر الواق واق أو حتى إدارات المرور في كوكبي زحل والمريخ.
نحن نكابد هذه المعاناة كل يوم ونحتسب الأجر من عند الله سبحانه وتعالى، فالمسلم يؤجر حتى على الشوكة حين يُشاك، ولكنَّ صحف الخميس حملت لنا خبراً مفرحاً ربما يرفع معنوياتنا قليلاً فننتظر الأجر إن شاء الله في الدنيا قبل الآخرة، فقد ذكرت الصحف أنّ الإدارة العامة للمرور قررت سحب رخصة قيادة السائق المخالف وإحالته إلى مدرسة للقيادة.
إن كان هذا الخبر صحيحاً، وإن كان سوف يطبق على الجميع بلا لف ولا دوران، فهو بشرى عظيمة تهل علينا مع هذه الأجواء المطيرة الجميلة فتجعل فرحتنا فرحتين. فهل تفعلها الإدارة لعامة للمرور ولا تخذلنا هذه المرة!؟