سعد بن عبدالقادر القويعي
ينطلق الدور الكبير، والهام لوسائل الإعلام في مواجهة استخدام الإرهابيين لمواقع التواصل الاجتماعي، والذي يعمل على تجنيد إرهابيين جدد، والتعريف بكيفية تصنيع قنابل، أو أسلحة يستخدمها الإرهابيون
.. كما تُستخدم لحشد المؤيدين المتعاطفين معهم، واستقدام عناصر جديدة داخل المنظمات الإرهابية؛ من أجل المحافظة على بقائها، واستمرارها، وهم يستغلون - أيضاً - تعاطف الآخرين من مستخدمي الإنترنت مع قضاياهم، ويجتذبون - هؤلاء السذج - بعبارات براقة، وحماسية من خلال غرف الدردشة الإلكترونية؛ ولشن حملات نفسية على الدول، والمجتمعات التي تقوم بترويعها.
ولأن العالم - دولاً وشعوباً - أصبح - اليوم - أمام تحد كبير، فقد أصدرت لجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة - قبل أيام - تقريرها الثاني، حول قرار مجلس الأمن 2178، والذي يدعو الدول إلى تنفيذ تدابير محددة؛ لوقف تدفق المقاتلين الأجانب. وأشار التقرير إلى بعض النجاحات في مجال تضييق حركة المقاتلين الأجانب، - إضافة - إلى تفاعل شبكة الإنترنت مع الحملة؛ لمواجهة الإرهاب عبر حجب الكثير من المواقع، والفيديوهات، والحسابات التي تنشر الفكر المتطرف. ومن هذه المواقع، والشركات: شركة اليوتيوب التي حذفت، أو ألغت 14 مليون فيديو، يمكن أن تحتوي على رسائل تمجّد منظمات إرهابية، أو تدعو إلى الانضمام إليها.
علّق - المدير التنفيذي للجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة - جون بول لابورد، على خطوة شركة اليوتيوب هذه، وشدّد على أهمية المشاركة الكاملة للمجتمع المدني، والحكومات، والقطاع الخاص، والشركات في العمل معاً في هذا المجال.
وأشار إلى أهمية تحقيق التوازن بين ما يشاهده الشباب من أفلام عن ثقافة العنف، وما بين الأفلام الإنسانية التي تتحدث عن الأمل، والسلام. وإذا ما علمنا أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم عام 1997م، بلغ حوالي 70 مليون شخصا، بنسبة 1,7 % من سكان العالم، ثم ارتفع عددهم عام 2009م، وفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات إلى 1,9 مليار شخص، - واليوم - ووفقاً لتقرير أصدره الاتحاد الدولي للاتصالات، فإن عدد مستخدمي الإنترنت عالمياً يصل عددهم هذا العام 2015م إلى 3 مليار شخص، يمثلون 40% من سكان العالم، منهم 135 مليون مستخدم للإنترنت في العالم العربي، فإن على المجتمع الدولي مسؤولية إبرام اتفاقيات تقنن التشريعات اللازمة؛ لمكافحة تلك الجرائم، وتنظم الجهود الدولية؛ لمحاربتها.
إن جرائم الإرهاب الإلكتروني متعددة الحدود، وعابرة للدول، والقارات، وغير خاضعة لنظام إقليمي محدود؛ الأمر الذي جعل من الإرهاب ظاهرة تهدد الأمن، والاستقرار. وهذا مؤشر واضح على أن الوجود الإرهابي النشط على الشبكة العنكبوتية، هو متفرق، ومتنوع، ومراوغ بصورة كبيرة، ما يجعلنا نطالب بإنشاء نظام للإنذار المبكر من الهجمات الإلكترونية، وتطوير برامج آمنة تعمل على زيادة وعي المسؤولين التنفيذيين، والعملاء، والتشديد - في المقابل - نحو إجراءات أمنية أفضل.
في سياق الجهود الأوسع نطاقا، والتي تبذلها الدول الأعضاء في مجال الأمن الحاسوبي، تستدعي تنسيق الجهود المبذولة على الصعيدين - الدولي والإقليمي -؛ لمكافحة الإرهاب - بجميع أشكاله ومظاهره - على الإنترنت، والعمل على استخدام الإنترنت كأداة لمكافحة تفشي الإرهاب، مع التسليم - في الوقت نفسه - بأن الدول قد تحتاج إلى المساعدة في هذا الصدد؛ لأنها ستساهم في الاكتشاف، والتطور، والبناء - حتماً -، وستعمل على حماية تقنياتنا، وحضارتنا - بشكل آمن متوازن -.
إن الحاجة إلى قيام الدول بالعمل - سويا - في الوقت المناسب، وبفعالية - خصوصاً - ضد استخدام تكنولوجيا المعلومات من قبل الجماعات الإجرامية المنظمة، أصبح مطلباً مهماً، - لا سيما - وأن الإنتربول صنف مكافحة الإرهاب كمجال إجرام ذي أولوية، وخصص موارد هامة لإسناد البلدان الأعضاء في جهودها المبذولة؛ لمكافحته؛ ولتحقيق مزيد من التعاون، والتكامل بين وسائل، وأجهزة الأمن العربية؛ لمواجهة هذا الارهاب في شكله المعاصر، بعد أن تخطى بشبكات الإنترنت الحدود بين الدول. - وبالتالي - فإن إبراز الإيجابية في العمل الأمني الخاص، وإبراز دور المواطن، ومؤسسات المجتمع المدني في مواجهة الإرهاب أمور في غاية الأهمية.