سعد بن عبدالقادر القويعي
أحسنت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات صنعاً عندما أوضحت قبل أيام أنه بالإمكان اكتشاف مدمن المخدرات بوسائل الملاحظة؛ إذ حددت ثمانية أعراض، تمكِّن الأُسر من اكتشاف ما إن كان ابنها مدمناً على تعاطي المخدرات من عدمه، حال ظهور تلك الأعراض، منها: السهر بالليل، النوم العميق في النهار، حركات لا إرادية في اليدين والفكين، شحوب الوجه، هزال في الجسم، العنف، العدوانية والشك، إضافة إلى عدم القدرة على التواصل الأسري والاجتماعي.
وأشارت اللجنة إلى أن هناك سبعة عوامل تساعد في حدوث الإدمان، منها: تجربة المخدر، الرغبة في تكرار التجربة، التعود على التعاطي، الانتظام على التعاطي، الاعتماد على التعاطي، زيادة جرعات التعاطي والسعي الإجباري للحصول على مادة التعاطي.
هذه المرحلة الحرجة، واكتشاف العلامات البارزة التي تدل على الاعتماد النفسي للمتعاطي، قبل الدخول إلى الحلقة المفرغة للإدمان، تُعد من الأهمية القصوى؛ لكي يلتمس هذا المتعاطي العلاج والمساعدة في الوقت المناسب؛ ولكي يواجه نفسه بالحقيقة التي يحاول منها الهروب؛ إذ ثمة علامات جسدية، وأخرى متعلقة بالسلوك، تستطيع أن نبحث عنها، وتساعدنا على تحديد ما إذا كان الشخص الذي نعرفه قد يكون متعاطياً للمخدرات، وذلك من خلال سلوكيات مشتركة بين الأشخاص المدمنين، التي ترتبط بجميع أنواع المخدرات.
إن اكتشاف الإدمان مبكراً أمر في غاية الأهمية، وهو ضروري في سبيل علاج المدمن في المراكز المتخصصة بالطرق العلمية السليمة؛ فكل من لديه دافع يسيطر عليه كلية لأن يكون في حالة فقدان الوعي بصفة متكررة أكثر قوة من الحاجات الفطرية، أو حتى المكتسبة بالتجربة، أو أن يكون هذا الدافع آلياً، أو يفرض نفسه على المدمن رغماً عنه، فيصبح - مع الأسف - جزءاً من خبرات المدمن، وتجربته، لا يمكن نسيانه عن عمد، أو غير عمد.
صحيح أن واقع المخدرات والإدمان مفزع، ومخيف؛ ويحتاج إلى وقفة وتأمل، واهتمام شديد من قِبل الآباء والأمهات وأولياء الأمور والمسؤولين، إلا أن العديد من علامات الإدمان والسلوك الإدماني - في المقابل - قد يتم تفسيرها بحسن نية على أنها سلوكيات مراهقين، مثل: التقلبات المزاجية، التصرفات التي تتسم بالسرية، القلق والإفراط في النوم.. ولذلك، فإن ملاحظة بعض هذه العلامات على المراهق الصغير ليست بالضرورة دليلاً على تعاطيه، أو إدمانه مادة المخدرات.
من المعروف علمياً في مجال العلوم الاجتماعية أن لكل ظاهرة أسباباً أفرزتها، ونتائج مترتبة عليها، وأيضاً لكل ظاهرة علاج. ويقدر مدى النجاح في علاج هذه الآفة الخطيرة بمدى معرفة الأسباب التي أدت إليها؛ لذا فإن الانتباه لعدم الوقوع في شراك المخدرات هو النجاة الحقيقية. كما أنه يجب المبادرة إلى طلب المشورة والعلاج مهما كانت مرحلة الإدمان؛ إذ تتحقق المكاسب الصحية - لا محالة -، وهو ما أكده مصدر مطلع في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات قبل أيام، بأن مساعي اللجنة إلى محاولة خفض استهلاك الأدوية النفسية والمهدئة، مبيناً أن مركز استشارات الإدمان «1955» تلقى خلال خمسة أشهر نحو «9000» اتصال من أُسر للإبلاغ عن إدمان أبنائهم، والاستفسار عن الطريقة المثلى لعلاجهم.
وقد حولت اللجنة نحو «997» مدمناً للعلاج القسري، و»476» حالة إلى جهات أمنية، فيما تلقى «4689» متصلاً التوجيه والإرشاد، و»1242» حالة أُحيلت إلى مستشفيات حكومية، بينما حولت «375» حالة إلى عيادات خاصة، وطبقت برامج علاج أسري لـ»391» حالة من إجمالي الاتصالات الواردة لها.