سعد بن عبدالقادر القويعي
ليس لدي من شك، أن المخطط الإجرامي الذي يتبناه «تنظيم داعش» الإرهابي، باستهداف المدنيين الأبرياء في دور العبادة، واستهدافه - أيضا - زرع الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، تقف خلفه دول - إقليمية ودولية -، معروفة بنشرها ثقافة النعرات الطائفية في المنطقة؛ من أجل خلق فتنة بين أبنائها؛ ولتفكيك اللحمة الوطنية.
اليوم، وضمن سلسلة عبثية من استهداف دور العبادة، تأتي حادثة « مسجد الحيدرية « بمدينة سيهات في محافظة القطيف، كحلقة في سلسلة متواصلة من الاعتداءات على وحدة وطننا؛ هدفها إشعال نيران الفتنة بين أبناء الوطن الواحد؛ وخدمة لأجندات خارجية، بات الواعون يدركونها تمام الإدراك، وذلك عندما وجدنا أنفسنا أمام مخطط استخباراتي خارجي قذر، لا تُعجزه استئجار أدوات موت داخل إطار تنظيم داعش؛ لتنفيذ مخططه الرامي إلى إحداث فتنة مقيتة.
لم تكن دور العبادة بمنأى عن الانتهاكات، والتخريب، والتدمير للتنظيمات الإرهابية، بعد أن وقعت في مصيدة القوى - الإقليمية والدولية -، والمتربصة بأهل هذه البلاد، وبعقيدتها؛ ولتؤسس مشروعها التدميري من قتل، وتخريب، وتدمير، وفتن طائفية، ومذهبية في مجتمع متدين بطبيعته؛ مما يعني : أن استهداف الدولة، والمجتمع السعودي ككل، دون تمييز بسبب دين، أو طائفة - أمر مقصود لذاته -.
ورغم أن المادة «53» من اتفاقية لاهاي لعام 1954 م، نصت على: «حماية الممتلكات الثقافية، والدينية»، - ومثله - ما ورد في البروتكول الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي في المادة «14» ما نصه: «يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية، أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي، والروحي للشعوب، واستخدامها في دعم المجهود الحربي»، فإن الاعتداء على حرمة دور العبادة من المنظور الإسلامي، يشكل خروجا عن مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، والذي يدعو إلى الوسطية، والتسامح، والاعتدال، والالتصاق بروابط الأخوة، وتعميق أواصر التضامن؛ لقبر الفتن، ودرء التحديات، ومواجهة المؤامرات التي تستهدف وجودنا.
في ظل تصاعد ظواهر الاحتقان، والاستقطاب وفق خطوط التمايز - السياسي والمذهبي -، فإن صناعة حرب دور العبادة؛ من أجل إنهاك الدول، وإدارة الفوضى بادعائها الدولة، وفق أهداف مضمرة، تختلف عما هو معلن عنها، بمعنى : أن المنطلق لهذه الأفعال سياسي محض، يختلف عن ذرائعه الدينية؛ ليمكن القول بعد ذلك : إن هدم المساجد من أبشع الأسلحة القذرة؛ لأنها تسعى إلى إثارة العنف، والاقتتال الدموي الشرس، كما أنها تمثل خرقاً شديداً، وانتهاكاً خطيراً لجميع الأعراف، والقوانين الدولية، وتتنافى تماماً مع مبادئ الأديان، والشرائع السماوية التي تجرم المساس بالمقدسات الدينية، بل وتؤكد على صونها، وحمايتها.