سعد بن عبدالقادر القويعي
هو من يستحق لقب «رئيس رؤساء التحرير»، ليس لمنجزه الإبداعي -فحسب-، بل لحرصه على هذه الصنعة، وتطويرها، وإغنائها. فهو القامة الوطنية الشامخة، والقيمة الفكرية المتميزة على سعة أفق، وشمولية، وتنور.
وهو صاحب التاريخ الطويل، والمضيء مع الكلمة الصادقة، والفكرة النيرة. -وأضيف إلى ذلك- قدرته على التأثير في المتلقي لحظة الحديث بتأثير الفكر، والعاطفة، والمبدأ.
عندما يميل -الأستاذ- خالد المالك إلى البوح عما يجيش بخاطره نحو رفاق دربه، فستلحظ أنه شجّع الكثير من الأقلام الصاعدة بالنشر لها، ونصيحتها، والأخذ بيدها على طريق الإبداع، حين أعطاهم من جهده، ووقته الكثير؛ فرسم على صفحة الإبداع وجوهاً عدة، كان لهم حضور إعلامي بارز، هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد اهتم بتطوير ذائقة، ووعي، وثقافة، وتفكير القارئ، بعد أن أصبحت «صحيفة الجزيرة» منبراً إعلامياً، عانقت بكل شموخ سماء الصحافة العربية، وسمت بكلمتها المسؤولة إلى آفاق جديدة -لا حدود لها-، إن بأدواتها التي تتطور معها، وإن بمفاتيحها التي تدخل، وتدور في أقفال الإعلام، والثقافة، والفكر، والمعرفة.
أسهم في ترسيخ تقاليد العمل في الصحافة الورقية، منجزاً العديد من المؤلفات بلغت الأربعة عشر كتاباً.
وبقي على حضوره المتقدم في الوسط الإعلامي والثقافي؛ ولأنه كان مسكوناً بالحركة الإعلامية، فقد عاش بحروفه، وأصالته، ورسوخه مأساة الواقع العربي الأليم من الخليج إلى المحيط؛ فتلمسنا مدى التمازج في أسلوبه، وصوره، وعطائه بعناصر التصوير، والإدهاش؛ حتى جعل المتلقي يتماهى بمشاعره، وأفكاره بما يتناسب مع مدخولاته الثقافية، وتوجهاته الفكرية.
يمتاز بجزالة اللغة، وقدرة سردية إن في الحديث، وإن في الكتابة؛ معبراً عن موهبته، وسعة اطلاعه.
إذ إن استحضار أعلامه لا يتأخر في إلحاق موهبته بمستجدات قناعاته؛ ليجعل من وجوده كياناً شامخاً، عندما صاغها بنسق مغاير، اتصفت بالجدية، والجدة، وانصهرت فيها الدقة، وبتأملها الذاتي الذي لا يقطعه منصب، ولا تؤثر فيه مادة.
يمتلك من المدلولات ما يحيل حياته إلى سيرة هائلة من الخبرة؛ لكنها في نسق الإنسانية، فإن وصفته بمدرسة في الحلم، والأناة، والتدبر، فهو كذلك، وإن وصفته بجامعة في المعرفة، فإنني لم أبالغ؛ فمسيرته الطويلة، ومحطاته المختلفة في عالم الصحافة، أسهمتا في تقديم المزيد من عطاء اللامحدود على بلاط صاحبة الجلالة، سواء من خلال كتاباته الموضوعية، أو من تحليلاته العلمية، والمترابطة على أسس أصولية، وقواعد محكمة؛ ليحصد معها أجيالاً تنهل من معين فكره، وثقافته، وخبرته؛ وليحلق بها في سماوات الانسجام، والتفاعل الحي.
خلاصة ما أريد قوله: إن تلك الإشارات لن تكون كافية لإنسان يمتلك طاقات خلاقة.
وحسبي أن من كتبت عنه، يمتلك قدراً متميزاً من الكاريزما، والتكامل، ما يجعله قادراً على إشعال الطاقة الإيجابية بدلالاتها الناضجة، ورموزها المتفردة، وصورها المشرقة؛ لتتحرك في نواحٍ جمالية متعددة، تحكي الجمال، وتأسر القلوب.