سعد بن عبدالقادر القويعي
حرصت السعودية على تلافي استمرار تداعيات الأزمة السورية على الأمن، والاستقرار في المنطقة، وبما يكفل إنهاء معاناة الشعب السوري. وقد تمثل هذا الدور في العمل سوياً في إطار الجهود القائمة؛ لتنفيذ اتفاق «جنيف 1»؛ من أجل تحقيق الانتقال السلمي للسلطة، وبما يحفظ استقلال سوريا، وسيادتها، ووحدتها.. وكذلك توجيه الجهود نحو محاربة التنظيمات الإرهابية التي استغلت الأزمة السورية، ووجدت لها ملاذاً آمناً على أراضيها، والعمل على القضاء على كافة المسببات التي شجعت على دخول هذه التنظيمات.. إضافة إلى رفض أي تدخل خارجي في هذه المرحلة من شأنه تكريس الأزمة، وتعميق الاحتقان الطائفي السائد بها؛ نتيجة لحالة الإقصاء المذهبي التي تعيشها أحداث المنطقة.
ولأن السعودية لعبت دوراً إقليمياً كبيراً في حل أزمات المنطقة، وكانت مبادراتها من أفضل المبادرات، وأكثرها جدية، وواقعية، فإن تركيز الجهود في المرحلة الحالية على ضمان أمن سوريا، وسلامته الإقليمية، وتحقيق وحدته الوطنية بين كافة مكونات الشعب، وبما يضمن المساواة في الحقوق، والواجبات -على حد سواء-، سيدعم التوجهات الرامية إلى وضع حلول سياسية تحفظ أمن، واستقرار سوريا، ووحدة أراضيه. وهذا دليل واضح على أن الموقف السعودي لم يأت من فراغ، بل كان وليد مجموعة من الاعتبارات التي كان لها بالغ الأثر في تبنيها لهذا الموقف.
تدّعي روسيا محاربة «تنظيم داعش»، والجماعات المتشددة، وأن سقوط نظام بشار الأسد يعني مزيداً من انتشارها، إلا أن التطابق التام للأهداف التي يسعى إليها لقاء فيينا؛ لتحقيقها في سوريا، تأتي في مقدمتها ضرورة منع انتصار الخلافة الإرهابية في الأراضي السورية، وأن تتحول هذه العملية إلى مرحلة انتقال سياسي، يشارك فيها ممثلو كل من النظام، والمعارضة، وتضع خلالها البلاد لإجراء تعديلات دستورية؛ مما سيقود إلى تنحي بشار الأسد في نهاية المطاف.
وسط التدخل الروسي في سوريا، فإن استمرار بقاء نظام الأسد يعني في المقابل المزيد من التمدد العسكري، والسياسي الإيراني، وتصبح طهران مهندسة السياسة السورية، وقد تعيد رسمها وفق مصالحها، بعد أن تزامن هذا التدخل المقيت مع التردد الأمريكي في حسم الأزمة في سوريا لصالح المعارضة المعتدلة، نتج عنه خلق بؤر أزمات، ودفعت بالأجندة الطائفية، والمذهبية، والعرقية؛ مما ألقى بظلالها سلباً على أمن، واستقرار المنطقة.. وهذا المنحى أكد عليها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، حين قال في تصريحات للصحفيين بنتائج اجتماعه مع نظيره النمساوي، وبالعلاقات المميزة بين البلدين، وحول اللقاءات المرتقبة مع وزراء خارجية كل من روسيا، وتركيا، والولايات المتحدة الأميركية، بأن الهدف من اللقاء، هو: التشاور، والتنسيق، وبحث كيفية الوصول إلى حل سلمي في سوريا -في أقرب وقت ممكن- على أساس جنيف1، بإنشاء هيئة حكم انتقالية تمتلك كامل الصلاحيات التنفيذية، ورحيل بشار الأسد، وإعلان دستور جديد في سورية، وعقد انتخابات جديدة، مع الحفاظ على وحدة سوريا، ومؤسسات الدولة فيها.
إن دعم الحل السلمي للصراع في إطار إقليمي، سيكون مسؤولية المجتمع الدولي، والذي يتطلب ضرورة تكاتفه، وتعاونه في وضع حد للأزمة السورية، التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء السوريين، وتشريد الملايين، وضياع سنوات من التنمية البشرية، والاقتصادية. وهذا ما جعل الدور السعودي أمام ديناميكيات صراع النفوذ التقليدي بين دول إقليمية، ودولية، وبمدى رغبة المجتمع الدولي في تفعيل هذا الدور، في اتجاه التسوية السلمية للصراع ضمن إطار إقليمي، ودولي.