ميسون أبو بكر
كانت جنيف التي ارتدت فصل الشتاء ببرده ومطره وغيومه المقيمة والرياح التي تداعب هدوء البحيرة وكائناتها مكاناً ملائماً لعقد المؤتمر الدولي عن «الإعلام وثقافة الحوار الإنساني» الذي أقامه المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والإعلام وشارك به مجموعة من الأكاديميين والحقوقيين وأصحاب الفخامة والسمو والمعالي، في جامعة جنيف، حيث منح المؤتمر الحضور المميز والصبغة الأكاديمية التي عزّزها مجموعة الأكاديميين الحاضرين من معظم جهات العالم.
حين يكون الحديث عن الإعلام فإنني أطرب له كوني جزء من هذا الكيان الذي أطل عليكم من خلاله في مقالي بصحيفة الجزيرة الغراء، بالإضافة أنني تتلمذت عمليا في أروقة التلفزيون السعودي الذي تعلّمت فيه الحياد والرقابة الذاتية والاعتدال والاحترام وثوابت نادى بها ديننا الإسلامي الذي كان شريعة حياتنا ومنهجنا في المملكة، وإنه ليظهر الفرق جلياً حين تتابع أيها القارئ بعض القنوات التلفازية الأخرى والدور السلبي الذي قامت به في ظل ما يعاني عالمنا اليوم، بل بعض منها كان أبواقاً فاسدة لبعض السياسيين الذين كان لهم الدور السلبي والانحياز لقوميات أخرى لها أغراضها التخريبية في المنطقة.
وإنني أؤيّد فخامة الرئيس اللبناني الأسبق الميشيل سليمان في طرحه المميز في المؤتمر حول هذا الشأن ومطالبة عادلة بوضع ميثاق إعلامي تلتزم فيه القنوات الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة، ويعاقب منها من يحرض على العنف إعلامياً ولعل لبنان أكثر الدول التي عانت في هذَا الشان.
هل نجح الإعلام في خدمة الحوار الإنساني؟ وهل بنى مساحة مشتركة للحوار؟ ربما هناك جدل كبير حول هذا، لكن الذي لا مجال للجدل فيه أن المملكة استطاعت أن تكون نموذجاً حيّاً لمد جسور الحوار بطرق مختلفة وفي كل الاتجاهات الثقافية والإعلامية والإنسانية على وجه الخصوص، أشار لهذا سمو الأمير د. نايف بن ثنيان آل سعود رئيس قسم الإعلام بجامعة الملك سعود في ورقته وكيف استطاع الإعلام أن يبني مساحة للحوار.
الإعلام الأمني هذا المفهوم غير المتداول عند العامة استطاع معالي د. جمعان رقوش مدير جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية أن يوضح دور الجامعة في هذا المجال وجهودها عربياً وعالمياً.
حقوق الإنسان وإيصالها للمجتمع الدولي وأصحاب القرار هو دور منوط بالإعلام في المقام الأول وهذا يحمله مسؤولية النزاهة والصدق التي تخطتها بعض وسائل الإعلام التي يوجهها سياسيون مخربون لهم أجندات خاصة في الشرق الأوسط.
وتبقى الكثير من الأسئلة التي تركت على طاولة النقاش والبحث على هذا المنبر الأكاديمي المهم وفي أروقة جامعة جنيف وبين لدن أساتذة من الأكاديميين والإعلاميين وأصحاب القرار وأعضاء منظمات حقوق الإنسان وممثل منظمة اليونسكو في جنيف هذه المنظمة العالمية التي استطاعت أن تقدّم الكثير إنسانياً وثقافياً.
هل أوصل الإعلام الغربي قضايانا العربية بشكل عادل وإنساني بعيد عن التجاهل؟
هل تُراعى حقوق الإنسان اللاجئ مثل لاجئي سوريا؟ وعرب الأحواز المقموعين من قبل النظام الإيراني والذين يجهل معاناتهم الكثير من الشعوب؟
هل يمكن وضع ميثاق إعلامي عالمي يجرِّم التحريض على العنف الذي يمارسه الإعلام؟
توصيات كثيرة أعلنها رئيس المركز د. علي عوّاد تحت مسمى»إعلان جنيف الدولي للحوار الإنساني نأمل أن تجد سبيلاً لتحقيقها في الواقع.
كذلك هناك وعد بطبع البحوث والأوراق المقدمة من مديرة المركز السيدة د. وفاء خنكار التي كان لحضورها كسيدة وسعودية عميق الأثر، مما يجعل ما دار في جنيف يصل كل مهتم بهذا الجانب عبر الطباعة الورقية.
من آخر البحر
قل لا أحبكِ..
حتى أرمي قلبي في البحر المتجمّد
وألم ضفائري لتصبح كأوراق الشجر
يابسة وصفراء..
ويستقيل فمي من الحب والشعر
قل لا أحبك..
كي تغادر الطيورُ بلا عودة
وتنتحرُ الأشواق
وتصبح الألوانُ باهتة
سأسلم جسدي لقانون القبيلة
وامنحه عنوة لأول مقاتل يأتي بمهري
ألف ناقة وتسعين بعيراً