ميسون أبو بكر
سعد الذي أودّ أن أتحدث عنه ليس هو الشهير في أغنية عمر العبدلات الذي يتوجه له صاحبه وقد قتله الحب وفتنته صاحبات البراقع، سعد ليس ما تعارفته العرب من الحليف الصديق الوليف، رفيق الدرب خليّ الروح.. الصديق الصدوق، لكن سعد الذي أعنيه في مقالي هذا هو الجائر الظالم الذي تجاهل نداء ابن عمه الذي غدره وقتله غير آبه بتضرعاته وغير ملتفت لكل تلك السنوات التي عبرا فيها سويا من يوم إلى آخر ومن سنة إلى أخرى.
سعد ذاك الذي أسرته لوثة التكنولوجيا، كائنات انترنتية ليست من شحم ولحم ودم، بل لصوص استحلوا الفضاء الالكتروني ليدخلوا بلا استئذان إلى غرف نومنا ومجالسنا ومكاتبنا، يراودونا في خلوتنا ويستحلون فكرنا وإدراكنا وعقولنا.
سعد الذي أعنيه هو الذي قتل ابن عمه بدم بارد ملبيا أدعياء الكفر الذين وجدوا فيه دمية خرساء يحركونها عن بعد وإنسانا ساذجا فارغا ضعيفا مسلوب الإرادة.
تكفى يا سعد، آه يا وجع قلبي على المسكين وهو يناشد فيه دما يجري في عروقهما قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة وقد أردته الطلقة ميتا، كانت الطلقات الحقيقية في قلبه أشد إيلاما،، حين ضاعت سنين العمر وتلاشت الذكريات العذبة وقت تحول سعد وشقيقه إلى أفراخٍ لثعابين سامة تسللت إلى بيت العائلة ففرقت الشمل.. مات من مات وشقي من بقي وضلّ من أُضِلّ.
تكفى يا سعد، ويعود بي الموقف لناصر القصبي ورائعته الرمضانية التي تحولت قصة سعد وابن عمه لحادثة مؤلمة تفوق ما شاهدناه في خيال القصص التلفزيونية.
القتل بدم بارد، بقلب تجمدت فيه الأحاسيس وجسد انتفت عنه الإنسانية والرحمة وفكر تبع هوى أولئك الذين أرادوا به شرا وبوطنه، استفحل في فكره سرطانهم الخبيث فتحول لوحش فتك بذويه ورمى بقلب أبيه وأمه تلوكه نار الحسرة واللوعة.
توسد جسده رمل الصحراء التي غدر به في أحضانها ولم تقو أن تحميه بطش سعد وعبدالعزيز، هابيل وقابيل وعصور من التخلف تمر في لحظات على شريط الذاكرة، وذاك الجريح الأسير يناشد إنسانية القاتل التي لا يعلم أن الدواعش خطفوها في لحظة غفلة وعزلة وضعف وهجرة إلى المجهول.
يا سعد؛ هذا أنا ابن عمك.. أخوك الذي ترعرعت معه.. تلك الزقاق تشهد لهونا ولعبنا، وتلك التلال الطينية التي شيدنا معها أحلاما من الحب والمستقبل، تذكر يوم كنّا نسرّ بآمالنا للريح حين تعبر بين شقوق النوافذ ليلا، كان الليل أمان يا سعد، والصحراء الممتدة بلا آخر أمان وسكينة، وقلب عمي وزوجه وأولاده وطني.
ذهبت كلمات الشهيد للريح، ذهب بها الغدر لشخص تحول إلى أداة بيد تنظيم إرهابي عبر من خلال جهاز لعين بدل أن يكون للعلم والفكر والتسلية أصبح للقتل والخيانة.
«تكفى يا سعد» أصبحت عبارة مشؤومة سنظل نتذكرها كلما لاحت صورة المغدور يستنجد بمن لا مروءة له، خائن وطنه ودينه ودمه قبحه الله.
لأحمد اللهيب:
قال: (تكفى يا سعد) حتى أتاه
صوت موتٍ من داعشيٍّ ظلومِ
عاش في الوهم والضلال وأضحى
عقله مرتعًا لفعلٍ غشومِ
فئة ضلت السبيل وتاهت
في ضياع من الفساد وخيم
ليس للعقل منطقٌ يتجلّى
في طريق مملوءة بالرجوم
تبعوا منهج الطغام فصاروا
تبعا جاهلا بعقلٍ سقيم