حميد بن عوض العنزي
** نشرت دراسة اقتصادية حديثة أن نحو ثلثَيْ السعوديين يعانون من أجل تحقيق التوازن بين نفقاتهم ودخلهم المالي، ويجدون صعوبة بالغة في توفير المدخرات، سواء بسبب غلاء الأسعار، أو نتيجة لضعف مهارات إدارة الأموال لديهم. فيما ساهمت الضغوط الاجتماعية في جعل بعض الأشخاص ينفقون أكثر مما يكسبون؛ وبالتالي تتراكم عليهم الديون.
** وتقول الدراسة التي أجراها «مركز المعرفة»، المتخصص في الدراسات والبحوث وبرامج التأهيل المعرفي، والتابع لشركة عبد العزيز الصغير القابضة، إن نحو 52 % من السعوديين لا يدخرون على الإطلاق، وبصعوبة بالغة يتمكنون من تغطية مصروفاتهم الحالية. فيما ترى نسبة 33 % من المشاركين في الدراسة أن دخلهم المادي كافٍ لمصروفاتهم الحالية، وأنهم قادرون على ادخار جزء من هذا الدخل في صورة نقد أو أموال مدفوعة في الاستثمار، مثل شراء العقارات. بينما كشف 15 % عن أن وضعهم المالي غير مستقر على الإطلاق، وأنهم يعانون في سبيل التحكم بنفقاتهم في حدود الدخل الذي يحصلون عليه، ويعتمدون على بطاقات الائتمان أو الاقتراض للتمكن من تغطية مصروفاتهم.
** الجميع يعترف بأنه لا يوجد لدينا ثقافة ترشيد الاستهلاك وتقنين المصروفات وترتيب الالتزامات المالية وفقاً لأولويات محددة؛ ولهذا فإن الكثير من الموظفين يشتكي من أن «الراتب لا يكفي». وفي ظل فوضى الاستهلاك سيبقى الراتب لا يكفي حتى لو تمت زيادته أضعافاً؛ لأن مبدأ الادخار غير موجود، والسائد هو «اصرف ما في الجيب..»، وهي العبارة التي يرددها المفلسون غالباً.
** العديد من البنوك بدأت الترويج لحسابات الادخار، إلا أن الإقبال عليها ضعيف. ولو أن البنوك ساهمت بإيجاد برامج توعوية لهذا النوع من الحسابات، وكذلك منح مثل هذه الحسابات مزايا تشجيعية متنوعة.. كذلك جهات العمل الحكومية والخاصة لو عملت على تشجيع موظفيها من خلال برامج الادخار، كأن يُمنح من يستمر في التوفير أكثر من سنتين أو ثلاثة مكافأة راتباً على سبيل المثال، لربما أسهم ذلك في تعزيز ثقافة الادخار. فالقضية تحتاج إلى أن يكون لدينا برنامج وطني توعوي لمثل هذه المشاريع، تتولاه المؤسسات المالية الرسمية، مثل مؤسسة النقد والقطاع الخاص ممثلاً في البنوك؛ لما تمثله هذه البرامج من أهمية، تعود بالنفع على الأسرة والمجتمع، ولترشيد هذا الإنفاق الذي نسبة كبيرة منه تذهب بلا جدوى، وخارج دائرة الأولوية الحقيقية للأسرة.