أمل بنت فهد
«أنا في منطقة اللا شعور.. اللا جاذبية.. معلق أنا في مكان لا أعرفه.. كل شيء بلا معنى أو طعم.. مجرد جثة تتنفس» هكذا وصف حالته التي تغمره في حفرة زيت قاتمة.. ينتظر لحظة الاختناق الأخير.
سأله رفيقه «المنتعش» السؤال الأكثر لؤماً حين يضع الإنسان في مواجهة عارية مع ذاته..: ماذا تريد أنت؟
إنه السؤال العائم والسهل الممتنع.. تزدحم فيه الأفكار وتختلط.. وتراوغ فلا تفرق بين الرغبة والحاجة.. بين الفكرة والهدف.. حديث النفس والمشاعر المهملة والمكبوتة.
رد صاحبنا: طبعاً أريد النجاح.. ولم يدري أن هذه الجملة تيه لا مخرج منه.. يطلقها الإنسان ولا يدري أنه يعلن أنه فعلاً لا يدري.
تدخل المنتعش: ماذا تقصد بالنجاح؟ أهو الثراء.. أم الشهرة.. أم الاستقرار.. أم التقدم الوظيفي.. أم التفوق الدراسي ... إلخ كُن محدداً لنعرف كيف دخلت مقبرة الأحياء!
توقف كل شيء في صمت مهيب.. صمت يتخلله تكسر لا يسمعه إلا صاحبنا نفسه.. صمت الهارب من حقيقة الإجابة الصادقة والمباشرة «لا أدري».
المنتعش قاطع الصمت وقال: مثلما أن التعميم لغة الحمقى.. فإن العموميات لعنة وكارثة.. تقذف الإنسان في دوامة تبلعه وتحبسه في قاع العجز.. يتسرب منه النور وينسحب من أطرافه.. كأنه انتحار جماعي للذة والدهشة والسعادة والجمال.. وينخرط في وحدة موحشة.. متذرعاً بالاكتفاء حيناً.. وبإلقاء اللوم على أقرب كتف منحه مساحة ليريح رأسه المتعب.
عندما تعرف ماذا تريد تحديداً فأنت ترسم الطريق إليه تلقائياً.. تتكون الخطط والجسور والقفزات التي يفعلها عقل الإنسان.. تلك المعجزة التي تختصر مساحات الضياع والحزن والوحدة.. فعندما تريد الشهرة فأنت تعلم يقيناً أن الأضواء تضخ فيك الشعور الذي يمنحك النشوة.. وتدرك أن التهميش والعيش خلف الكواليس يدمرك.. مهما حاولت أن تسبغ عليها من الفضائل.. ومهما تلاعبت بالمفردات.. البقاء للفعل الذي يمنحك الشعور الذي يدفعك نحو سعادتك الخاصة.. فالسعادة كذلك عموم يدك نفسية الإنسان.. لا بد أن تعرف ماذا يسعدك تحديداً.. فكل إنسان له خريطته الخاصة في عالم السعادة الغامض.
لذا ستدرك أن الطريق للشهرة يكون بآلية دقيقة.. وأدوات تعتمد على نوع الشهرة التي تريدها.. لأنها أي الشهرة لن تطرق بابك وأنت محبوس في مكانك.. تحتاج منبر وفكرة أو مبدأ أو مبادرة تلفت بها نظر جمهورك المحدد أيضاً.. الشهرة مثال بسيط على رغبة عميقة إذا لم يحصل عليها من يريدها.. يموت حياً.. وقس عليها بحر الرغبات التي لا تخضع لعد أو لون أو شكل.
لذا اعرف ما تريده.. تعرف كيف تصل إليه.