أمل بنت فهد
التسلق على أكتاف الآخرين قزامة ولؤم.. لكنه أقل غباء من محاولة الصعود على أمجاد من صنعوا المجد واحتضنهم الثرى.. فمن يتكئ بثقله على من رحلوا وتركوا خلفهم إرث لا يقبل اقتسام الصيت.. إنما ليكون مدرسة ودليلاً يرشد من جاء بعدهم أن موضع البداية حيث انتهوا.. ومكمن غباء العالقين بالعمالقة الراحلين أنهم لم ولن يصنعوا فارقاً.. وسيبقون عالة على الحاضر.. ويعدهم المستقبل بنسيان يليق بهامشية حياتهم.
وعندما تكون مميزاً في مجال ما.. فاعلم أن المتسلق سيحوم حولك إلى أن يجد الطريق ممهداً ليصعد دون أن تشعر به.. كما يحوم الصياد بهدوء خلف الطريدة.. إما بوجه الحب الرخيص.. أو وجه الصديق الكذوب.. وربما بوجه الشريك الخائن.. المهم سيحاول أن يدخل تحت جناحك بأية ذريعة.. بلسان ينسج الأحلام دون عمل أو حركة.. ستسمع منه كثيراً ضمير الجمع عندما يكون الحديث عن أعمالك وإبداعك.. فإن عرفته قبل أوان الحصاد فلا تستسلم للإحباط وتتراجع همتك.. ولا تعاقب تميزك بالعزوف عن تقديمه كما يجب.. ولا تفقد هدوءك.. إنما يكفي أن تتعامل بذكاء التوثيق.. توثيق جهدك.. توثيق أفكارك.. واترك لحظة كشف الأوراق في وقت النصر الكبير.. ليكون سقوط «سارق الأضواء» سقوطاً مدوياً لا قيام بعده.
قد تكون اللحظة الفاصلة والمؤلمة جداً هي اللحظة التي تدرك أنه يستغلك.. في حين كان يقدم نفسه على أنه الصديق الصدوق وساعدك الأيمن الذي سيعمل معك ويقاسمك الجهد.. ولن تتذكر متى استطاع أن يقحم نفسه شريكاً معك.. ومتى منحته الموافقة على الشراكة!
لأنه يعلم جيداً مستوى مهارتك فيما تعمله.. وبدلاً من أن يتعلم منك ويتدرب على يدك.. فإنه يفضل موقع المتفرج المرتاح حد الاضطجاع.. ويدعمك كذباً بالمديح وحتى الاستعطاف.. والنتيجة أنه أخذ مكاناً بجانبك واستلم من حولك ورؤسائك رسالة مفادها أنكم فريق!
لذا أيها المتميز تعلم كيف تصنع لأعمالك صوت واضح ومسموع وإيقاع فريد.. لا تخجل من إظهار إبداعك.. وذلك لا يتعارض مع مبدأ الإيثار والفريق الواحد والمبادرة.. إذا كان الفريق كله يعمل.. كلٌ حسب قدراته ومهارته.. هنا يمكنك أن تذوب مع فريقك دون أن تصبح مطية أو سلم يصعد من خلاله فقراء الأدب.. والطفيليات البشرية.. فرّق بين التعاون والاستغفال.. بين الطيبة والسذاجة.. بين العطاء والنهب.. فإن أذعنت وسكت عن حقك.. تذبل رغبتك.. وتتفلت من بين يديك متعة العمل.. وببطء تتراجع خطواتك إلى أن تتوقف عند صف الإنسان البسيط والعادي.. بعد أن كنت مختلفاً ومميزاً.. فالقوة تكمن في حماية إمكانياتك من لصوص الطريق.