أمل بنت فهد
في قلب التحديات.. تسقط الأقنعة.. وتتكشّف عورة الخيانة.. ويفقد الساذج صوابه.. وينسى الكثير أن التاريخ بأحداثه يفرض الثقة أو يجتثها من جذورها.. وما تواجهه السعودية اليوم ليس بجديد.. فكم وكم خرجت من التحدي مرفوعة الرأس.. تتحدث بلغة العارف أن الكلمة الأخيرة كلمتها.. لذا لم ولن يسجل التاريخ رداً منفلتاً أو مرتبكاً أو ملتوياً.. لا تستفزها لهجة المراهقة المتعجرفة.. ولا تجرها مناوشات عصابات الشوارع.. إنما دائماً وأبداً تأخذ في اعتبارها المكانة التي وصلت إليها.. وتعرف كيف تقدّم مصلحة البشرية على المواقف المتعجّلة تحت ضغط الاستفزاز.. وحتماً يصعب استفزاز الكبار.. ويصعب أكثر توقّع رد فعل الحكماء.. لأن السعودية تطبّق قاعدة العقاب الذي لا يخطئ موقعه.. قاعدة «إذا زجرت فاسمع.. وإذا ضربت فأوجع» فلا أكثر سخرية من تحول قيادة ما إلى فزاعة طيور ومن من بين يديها وأسفلها تتجول الثعالب بحرية.
ذاكرة الدولة السعودية ليست قصيرة المدى لتنخدع بألعاب الصغار التي تحاك جنوباً وغرباً وشمالاً.. إنما ذاكرتها قوية وحاضرة وتعرف متى تكشف الأوراق للعالم في الوقت المناسب.. تتحمّل المسئولية ولا تقبل أن تكون مطية.. لذا تعلمنا منها كيف تكون الثقة وكيف نترقب الرد السعودي الملجم والنهائي.. لا تكهنات.. ولا انهزام.. ولا انفلات.. ولا تحدث بلغة الصغار.. فمن سياسة دولتنا تعلمنا النظر من علوٍ بمعية التاريخ والدلائل.
لذا واثقون أن هذه الأيام الثقيلة ستنجلي.. ولن يستطيع أي دخيل أن يخترق صفوفنا.. نتحمّل نصيبنا من المسئولية ونقف مع دولتنا.. ورجال أمننا.. لهم في أعماق مخاوفنا حضور يسبق الظنون.. لسنا مجبرين على التبرير.. أو إثبات ما هو مثبت منذ سنين طويلة.. تاريخنا كافٍ وعلى المشككين الكسالى أن يبحثوا فيه.. بضغطة زر ستدركون أن اللعبة تُدار بذات الطريقة التي بدأت بها.. لا جديد ولا ابتكار.. حتى أصبحت مكشوفة ومتوقعة حد السخرية.
للذين ثارت صدورهم غضباً من تجاوزات الصغار.. اطمئنوا وتريثوا.. فالرد السعودي سيكون مذهلاً وحكيماً كعادته.. لن يسمح بالعبث بكبريائه وشموخه.. وسيرد الصاع مئة صاع أو يزيد.. وثقتنا بدولتنا تحتم علينا أن نكون بمستوى الهدوء والحكمة التي تتعامل بها مع المشاغبين الذين يظنون أن خططهم يمكنها أن تحدث هزة.. في حين هي تمرين قصير لتحمّل الدغدغة السياسية.. فإذا رأيت وسائل العدو تافهة أو وضيعة.. فاعلم أنه من الضعف والغباء يكون أقرب للشفقة.. فما ينتظره يفوق توقعاته السطحية.. فمن المحرج أن تكون القيادة بمؤهلات «رقاصة»!