غسان محمد علوان
انتهت الجولة الأولى من نصف النهائي الآسيوي على درة الملاعب (استاد الملك فهد الدولي) بإبهار جماهيري لا يشابه مثله في القارة الصفراء من جماهير الزعيم، قابله فريقهم بمستوى أقل من عادي لينتهي لقاء الهلال والأهلي الإماراتي بتعادل إيجابي بهدف لكلٍ منهما. من المؤكد أنه كان من الممكن تقديم أفضل مما كان، فالأهلي القابع في خطوطه الخلفية كان يحتاج لهدف واحد تتلقاه شباكه مبكراً لتتحلحل ترسانته الدفاعية ويصبح المجال أفضل لزيادة الغلة، ولكن هذا لم يحصل لعدة أسباب تأتي بعد أمر الله وتوفيقه، وهي كالتالي:
أولاً- النهج التكتيكي الخاطئ الذي انتهجه مدرب الفريق دونيس منذ بداية اللقاء. وهو تأكيدٌ على ما قاله بعض الأصدقاء: (دونيس لم يقرأ الأهلي الإماراتي على الإطلاق، ولم يلعب على مكامن ضعفه أو قوته). فعلاً، فدونيس لو قام بالفعل بقراءة الخصم ومدربه، أو كان يملك خبيراً فنياً يعلم من هو كوزمين، لاختلف النهج بشكل كبير وواضح. فاللعب على أرضك في لقاءات الذهاب والإياب يستدعي أن تدخل بترسانتك الهجومية بكامل قوتها منذ البداية (طبعاً بلا تفريط دفاعي). ويستدعي أيضاً أن تقوم بتغييراتك مبكراً لتغيير النتيجة قبل أن تستقبل أهدافاً في مرماك تحولك من مُلاحَق إلى مُلاحِق.
أما الآن، فمن المؤكد أن الداهية اليوناني قد استوعب الدرس جيداً، ولا أشك بأنه سيدخل مهاجماً في اللقاء القادم رغم المخاطرة بفعل ذلك خارج قواعدك وبعيداً عن هدير أمواج مشجعيك. ولكنها الحاجة الملحة للتسجيل لفتح الملعب مجدداً أمام كوزمين الدفاعي.
ثانياً- لم يظهر لاعبو الهلال (كأفراد) بالمستوى الفني المطلوب، أو الجاهزية النفسية اللائقة بمثل هذه المناسبة، أو التركيز الكامل الذي يستحقه هذا الحدث. وإن استثنينا ياسر الشهراني وناصر الشمراني رغم قلة الدقائق التي لعبها وخالد شراحيلي الذي لولا توفيق الله له في صد (هدفين) محققين أتيا من هجمة واحدة في آخر دقائق المباراة، لتحولت رحلة دبي من صعبة إلى مستحيلة. فكثرة الكرات المقطوعة، واللامبالاة في التعامل مع الفرص المتاحة أو حتى الكرات القابلة للتحول لفرص تسجيل، و عدم التحرك الجاد المستمر بدون كرة لخلق المساحات في دفاعات الأهلي القوية، كل ذلك لن يجلب لك نتيجة ترضيك. فبكل بساطة، إن لم تعطِ كل قوتك وجهدك وتركيزك في مثل هذه اللقاءات، فتأكد أن الفوز لا يأتِ وحده أو بأقل مجهود.
ثالثاً- التحكيم الآسيوي لازال يسرح ويمرح كيفما أراد عابثاً بكل ما يستحقه الهلال كفريق على أرضية الميدان. فعدد ضربات الجزاء غير المحتسبة والتي يُجمع على صحتها كل من تابع كرة القدم في حياته، وخصوصاً في النسخة الحالية من البطولة يجعل من الحديث عنها أشبه بالكوميديا السوداء التي تجعلك تبكي مبتسماً. فضربة الجزاء التي أغفلها الحكم ومساعده في بداية اللقاء كانت كفيلة لتحويل مجرياته وقلبها رأساً على عقب. والمخالفتان اللتان وقع فيهما مدافعو الأهلي الاماراتي بعد تضييع الهلال لضربة الجزاء كانت كافية جداً لفوز الهلال بلقاء الذهاب.
كل تلك الأسباب اجتمعت لتحرم جمهور الهلال والمتعاطفين معه من أبناء الوطن ذوي القلوب البيضاء من ابتسامة كانت متوقعة ومستحقة عطفاً على ما قدمه الفريق منذ بداية الموسم.
ولكن رغم كل ما حدث، فالنتيجة ورغم أنها لم تشفِ غليل عشاق الزعيم فإنها ليست بذاك السوء على الإطلاق، فكل المطلوب هو هدف مبكر لإعادة الأمور لنصابها ليبدأ بعده الزعيم بفرض أسلوبه وانتزاع بطاقة النهائي الآسيوي.
كل ذلك لن يتأتى إلا بتوفيق الله أولاً، ثم بتهيئة اللاعبين جيداً لخوض لقاء للعمر وللتاريخ ضد الأهلي الإماراتي وضد حكم اللقاء كائناً من كان. فالأمور كلها أصبحت تُلعب على المكشوف من اتحادٍ آسيوي يرأسه شخص تتلاعب به لجانه رغم أنفه، ومن اتحاد محلي يرأسه من لا يملك من أمره شيئاً. هذا الاتحاد المحلي بدلاً من أن يقف مع ممثله الوحيد في النهائيات الآسيوية لعامين متتاليين على التوالي، نصّب نفسه منافساً أو عدواً للهلال بجبنه وعدم مطالبته أو تحركه تجاه كل هذا الإجحاف الذي يواجهه الهلال بلا انقطاع في مسيرته الآسيوية.
هل يتجرأ اتحاد أحمد عيد على انتقاد عقوبة ديقاو و توقيتها الذي لا يمكن تحميلها محمل البراءة على الإطلاق بإيقافه مباراتين قبل بدء لقاء الذهاب بأقل من 24 ساعة؟ أو حتى بمقارنتها بالعقوبة الصادرة على اللاعب الإسباني الذي تسلق أسوار الملعب وتهجم على جمهور الهلال ولم تتعدَ عقوبته سوى الغرامة المالية رغم أن فريق لخويا سيشارك في النسخة المقبلة من البطولة بعد أشهر قليلة؟.
أعيد وأكرر، يجب تهيئة اللاعبين على مواجهة الحكم واستفزازاته لهم بالهدوء والرد عليه من خلال التسجيل في مرمى الخصم لا غير. نعلم جميعاً أن الحكم قادر على تحويل نتيجة مباراة، وقلب الفوز إلى خسارة، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يستطيع التحكم به هو روح اللاعبين ورغبتهم الحقيقية بالفوز بعد توفيق الله لهم.
هذا هو قدر الهلال، أن يكون محارِباً على أكثر من جهة وخلال تسعين دقيقة فقط. فليس للهلال بعد الله سوى رجاله، والذي أزعم أنهم سيخرجون رافعي الرؤوس بعد لقاء دبي بحول الله وقوته. بالتوفيق لزعيم آسيا الأوحد.
خاتمة...
يازمان العجايب وش بقى ما ظهـر
كلِّ ما قلت هانت جد علمٍ جديـد
إن حكينا ندمنا وإن سكتنا قهـر
(خالد الفيصل)