غسان محمد علوان
تخطى الهلال نظيره فريق لخويا القطري بنتيجة المباراتين وبحصيلة تهديفية كبيرة، بعد لقاء الإياب في العاصمة القطرية الدوحة، وفي ظروف قاسية جدًا. فغياب ياسر الشهراني وسلمان الفرج اللذين يعدان من ركائز خطة اليوناني دونيس، أثر كثيرًا على رتم الفريق. ثم أعقب ذلك خروج اضطراري مؤثر لقائد خط دفاعه الكوري كواك، الذي بخروجه قلت خيارات المدرب التبديلية وخلّف ارتباكًا واضحًا في خط الدفاع لم يستطع القادم الجديد أحمد شراحيلي تعديله رغم تفانيه لفعل ذلك. الأجواء المناخية التي صاحبت اللقاء من رطوبة قياسية، استنزفت كل ما تبقى من جهد ولياقة لدى الفريق، وعلى الرغم من ذلك وبعد توفيق الله، عاد الفريق للوطن حاملاً بطاقة العبور لنصف النهائي القاري أمام الأهلي الإماراتي بقيادة صديق الأمس ومنافس اليوم الروماني كوزمين.
عاد الهلال بعد ذلك ليقابل الرائد دوريًا، ودخل اللقاء تحت وطأة غيابات مؤثرة وصلت إلى سبعة لاعبين من أساسيي الفريق ابتعدوا بين إصابة أو إيقاف، وعلى الرغم من ذلك وبعد توفيق الله، تمكن من تحقيق النقاط الثلاث والانفراد مبكرًا بصدارة الدوري، رغم إلغاء هدف صحيح له، والمحاولات الحثيثة لحكم اللقاء شكري الحنفوش لاستفزاز واستدراج لاعبيه للحصول على البطاقة الحمراء.
ولتلخيص ما سبق: دخل الهلال فترة التوقف الثالثة متصدرًا للدوري ومتأهلاً لنصف نهائي القارة. فكيف رأى الهلاليون ما تحقق؟
كل ما رآه الهلاليون (أو بالأصح جزء كبير منهم)، تجاوزات ديقاو في اللقاءين وهفوات فنية للمدرب وهبوط للمستوى لبعض لاعبيه.
أين المباركات بعد كل انتصار؟
أين دعم الفريق بشكره على ما تحقق حتى الآن وهو يحرز العلامات الكاملة في نزالاته؟
أين الفرح الخالص بفريقهم؟
تشجيع كرة القدم يرتبط دومًا بالاستمتاع بالفريق، بالفرح معه، بالتغني به، بالحزن عند خسارته، والدعم الكامل له في كل حالاته. أما أن يكون دور المشجع هو البحث عن الأخطاء وإن قلّت، وتجاهل الحسنات وإن كثرت، فهو والله دورٌ ثقيل على النفس لا يستلزم أي أحد كان أن يستمر بالقيام به.
استوعب تمامًا أن من يخطئ يجب أن يحاسب على خطئه حرصًا على مسيرة الفريق ككل.
واستوعب تمامًا أن انتقاد النواقص هو طمعٌ مباح في البحث عن الكمال حبًا وعشقًا للفريق.
ولكن كل ما سبق لا يلغي إطلاقًا التغني بالمنجز وثبات النتائج وإقدام الفريق بالاتجاه الصحيح.
أخشى ما أخشاه أن يكون الجمهور الهلالي قد تشرّب الإحباط الذي صاحب فترات سابقة من الغم والهم، وكان الانتقاد والتقريع متنفسًا إجباريًا له ليشفي غليله من عدم إقناع فريقه له.
وأخشى كذلك أن يكون البعض قد اقتنع أنه بمخالفة الآراء - لمجرد الاختلاف- يجعل من صوته مسموعًا ويخلق لكلماته صدىً يعجز عن خلقه ما بين جموع المبتهجين.
قلتها سابقًا وأرددها دومًا: إن لم تجد في من تنتقد أي ميزة، فاكفِ نفسك عناء الانتقاد، فهو هدرٌ للجهد بلا طائل. وإن كان فيه العديد من المزايا، فأكرمه بذكرها ثم قم بانتقاده.
لا أتخيل شعور أي شخص في أي مجال عملي، يفني وقته وجهده خدمة لعمله، ثم لا يُذكر على مسامعه سوى هفواته.
فهو إن أجاد ملام، وإن أخفق ملام، فلم التعب؟!
انتقدوا فريقكم، ركزوا على أخطائه ليتلافاها، وطالبوا بمعاقبة المسيء متى أساء. ولكن تذكروا أن من العدل أن تفرحوا بانتصاره، وتشكروا جهده، وتُثنوا على محاسنه قبل أن تطاله سهام نقدكم. فلديه ما يكفيه من الخصوم الذين يجيدون البحث والتدقيق في عيوبه.
كونوا له عونًا وسندًا، ولا تكونوا له حبيبًا جاحدًا لا يرضيه شيء.
خاتمة...
ومن العداوة ما ينالُك نفعه *** ومن الصداقة ما يضرُّ ويؤلمُ
(المتنبي)