غسان محمد علوان
لفتت نظري عدة تغريدات قام بكتابتها الإعلامي الشهير مصطفى الآغا مقدّم برنامج صدى الملاعب، كان أبرز ما فيها ما سأذكره نصياً: (لا يمكن الفصل بين الشخص وحسابه في تويتر، فهل نقبل أن يشتم أحدهم ديننا أو بلادنا بحسابه ثم نقول إنه أمر شخصي ونستضيفه في برامجنا مثلاً؟؟).
بعبارات بسيطة وبليغة، أوجزَ أنجح مقدم برامج رياضية في الوطن العربي كل الردود غير المنطقية التي يتفاخر بها بعض مدعي الاحترافية والمهنية في برامجنا الرياضية. كيف يتم الفصل بين الاستضافة ومنهج وفكر الضيف؟ أو بالأحرى ما هي معايير ترشيح شخص ما، مختص في مجال ما، للنقاش عن قضايا مطروحة إن لم تكن ملماً بتفكير ومنهج هذا المرشح، بل ويجب أن تكون مقتنعاً جداً أن هذا الضيف لديه ما يثري المشاهد أو المستمع بتفاصيل ورؤى وأفكار تخدم القضية أو الحدث المتداول.
كنت في نقاش مع أحد الأصدقاء (وهو بالمناسبة لاعب سابق)، عن كيفية التصدي لمثل هذا العبث. العبث الحاصل إعلامياً مرده وجود جهلة في الإعلام يتسنمون قمة البرامج الجماهيرية، يطرحون ما يشعل الساحة لهيباً وتعصباً دون النظر لنتائجه. يكرسون النماذج المتعصبة طرحاً، الساذجة فكراً، الخاوية علماً، كرموز لرياضتنا وقدوات يجب أن يحذو الجميع حذوها ليثبت عشقه لفريقه وانتصاراً لرأيه مهما كانت العواقب.
مصطفى الآغا رغم العديد من الانتقادات التي تطاله ممن لا يستسيغون حسه الفكاهي، أو طريقة إدارته لمحطات البرنامج، إلا أنه ما زال عصياً على من يفكر في أن يتهمه بإثارة الفتن في الوسط الرياضي، أو أنه سبب في زيادة رقعة التعصب التي أصبحت قابلة للانفجار في وجوهنا في أي لحظة.
لا ألوم بعض مقدمي البرامج الباحثين عن الإثارة الفجة عن طريق أشخاص لا يريد أن تنتهي الحلقة بدون أن (يذبّ) على الفريق المنافس لفريقه، أو (يطقطق) على أحد لاعبيه. أقول لا ألومهم عندما يتجاوز هذا الضيف بعض الخطوط الحمراء خلال البث المباشر للحلقة، ولكن اللوم وكل اللوم على هذا المذيع الذي يرى هذا التجاوز ويعيد استضافة هذا المهرج المتعصب ولا يبذل أي جهدٍ في البحث عن بدائل واعية ومفيدة لنا كمتابعين ومهتمين بالرياضة.
خلاصة القول: لو اتّبع عشاق التهريج مبدأ مصطفى الآغا في نوعية الطرح التي تصدر عن برامجهم، وماهيّة الرسالة المراد إيصالها للجمهور دون تغابٍ أو ليٍّ لعنق الحقائق لوجدنا ساحتنا الرياضية أكثر اخضراراً، و منافستنا أكثر شغفاً وحماسة، وأقل حقداً وكراهية. ولكنها بضاعتهم التي لا يستطيعون استبدالها، للأسف.
خاتمة...
قومٌ إذا مسّت النعال وجوههم
شكت النعالُ بأي ذنبٍ تُصفعُ
(المتنبي)