د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
** وعى في تجربته الحياتيةِ أن الحقَّ لا يُرى دائمًا؛ فالصوتُ ورديفه الصيتُ، والجرأةُ ومماثلتُها المغامرةُ، والاندفاعُ وقرينه التهور زوايا «منفرجةٌ» ينطلق منها كثيرون ليحققوا مكاسبَهم الشخصيةَ ولو مسَّت حقوقَ الآخرين متناسين أن فوق الكبير أكبر وأن للصغير والمستصغر الأكبر.
** نلمسُها شخوصًا ومؤسساتٍ ودولًا وعوالمَ عليا ودنيا حين يتصدر متأخر ويتسلطُ مستهتر ويسود غاصبٌ وقاتلٌ ومستأجر؛ فالكونُ لا يسيرُ بتقعيدٍ مجردٍ، ولا يدينُ باطرادٍ للنظريات الاجتماعيةِ والسياسيةِ، وكثيرًا ما تبدلت الرؤى حول قضيةٍ أو ظاهرةٍ أو تشابكاتٍ بيئيةٍ فتباينت مخرجاتٌ وأضيفت مدخلات.
** تصعب علينا إجابة استفهاماتٍ كثيرةٍ حول ما يدورُ أو يُدار وبخاصةٍ في هذا الزمن الصعب؛ حيث المفاتيحُ أقفالٌ والفضاءاتُ أغلال، والأمة في متاهةٍ داخل نفقٍ لا ترى ضوءًا يهديها إلى الدرب، ولله حكمه وحكمته.
(2)
** فلسطين جرحٌ تفتق عن جراحٍ سالت دماؤها في أرض العرب، وما حصل من مآسٍ بعد اغتصابها من يهود مترتبٌ عليه، ودون حل مشكلتها سيبقى مخزن الجراح نازفًا، والديكتاتوريات العسكرية العربية التي قفزت إلى الواجهة بعد النكبة نتاجٌ للمتاجرة بالقضية التي بيعت في سوق النخاسة الأممي وقبضنا ثمنها تشظيًا وطائفيةً وظلمًا وإظلامًا في عدد من حكومات العراق وسوريا وليبيا ولبنان ومصر واليمن وأينما سارت ثورةٌ أو ادُّعيت الثورية.
** يُنحر العشراتُ من بؤساء أمتنا ومسالميها كلَّ يوم ويبقى المجرمون من عتاتها طلقاءَ يسيحون في المسارات داخل دولهم والمطارات خارجها؛ تستقبلهم المايكروفونات وتودعهم الكاميرات ويُفرش لهم السجاد الأحمر المخضبُ بدماء ناسهم، وقد قضى سبحانه ألا يغير إلا من يتغير، والظن أننا ثابتون لا صامدون ومتوقفون لا متحركون ومستسلمون لا مسالمون وأن البغيَ يجور ويدور ككرةِ نارٍ متدحرجةٍ توشك أن تُحرقَ الجميع؛ فلله حكمه وحكمته.
(3)
** يجد المتكهفون داخل ذواتهم من يفتح لهم منافذَ إلى العالم الخارجيِّ فيلتئم «التخفي والتشفي « في شخوصهم، وتبرُقُ الابتسامة السامة على وجوههم؛ ويهابهم من يرجو مغنمًا أو يخشى مغرمًا؛ فيدنو ويتدنى، ويعلو ذاك ويتدلى، ولله حكمه وحكمته.
(4)
** بعضُ الناس عدائيون بفطرتهم؛ يعشقون مخاشنة الآخرين «الطيبين» والنيلَ منهم والإساءةَ إلى مكتسباتهم نائين عن مماثليهم من «الخشنين» ليقينهم أن الحسم مضمون لهم مع الأولين؛ فمراميهم مشرعةٌ كي يسددوا أهدافهم بيسر ويُسمعوا أصواتهم بوضوح، وحين يُبتلَون بضجيج نظرائهم يَسقطون «جميعُهم» دون مشيعين، وتَروي الوقائعُ أن العاقبة للصامتين المغلوبين، ولله حكمه وحكمته.
(5)
** الاتزانُ الذهني يفترض التوازن الحُكمي فلا نسرفُ مدحًا ولا نتجاوز قدحًا وتضيء الحسناتُ داخل السيئات مثلما تضيع المثالبُ وسط المناقب، ولا يصح العكس؛ فلا نلغي شخصًا لهفواته مهما كثرت، وننتقده بما نتيقنه ونُعرض عما لا نوثقه؛ فكذا هي فروسية الخلق العربي من لدن الجاهليين الذين أنصفوا خصومهم ولم يبخسوهم حقوقهم حتى منهجة «علم الرجال» ببيانه وتبيينه إلى أن أظلنا زمن غريبٌ خلط العمل والعامل والوسط والوسيط فمُهرت الأحكامُ بالجمل التطرفية؛ فإما أن يكون المرءُ وليًا يرقى الذرى أو عدوًا يلتحفُ الثرى، ولله حكمه وحكمته.
(6)
** الحكاياتُ محاكم.