د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
** ربما جاز ربطُ الحِراك النهضويِّ العربيِّ في جانبه الثقافيِّ بالاتجاهِ غربًا وصدورِ تآليفَ توثقه كما صنع الطهطاوي في (تخليص الإبريز في تلخيص باريز) والشدياق في (كشف المخبّأ عن فنون أوروبا) وأمين فكري في (إرشاد الألبَّا إلى محاسن أوروبا) والمويلحي في (حديث عيسى بن هشام) وغيرِها مما ضمته حقبة لا تتجاوزُ عقودًا في القرن التاسعَ عشرَ متآلفةً مع النهجِ التغييريِّ الداخليِّ الذي قادته دعوةُ الشيخ ابن عبدالوهاب في القرن الثامن عشر وتزامنه مع ظهور جريدة «العروة الوثقى» واتفاق السياسيِّ والدينيِّ في الجزيرة العربيةِ بدءًا ثم في مصر بين «الأفغاني وعُرابي» وما رافقها من صعودٍ وهبوطٍ ونجاحٍ وإخفاق، والمجالُ لا يأذنُ بالتفصيل.
** الاستفهامُ الأهمُّ هنا هو: ماذا صنعت بنا ثلاثةُ قرونٍ من التفكيرِ والتدبير والصراعاتِ العقليةِ والجسديةِ والعودةِ إلى التراث والقفزِ فوقه واستلهام منهجِ السلفِ والاستهداءِ بمنابرَ نائيةٍ والبعدِ عن الآستانةِ والقربِ منها وسقوطِ الخلافةِ وعلمنةِ الأنظمة والاستعمارِ والتحريرِ وظهور الأدلجاتِ المسالمةِ والعنيفةِ وضياعِ فلسطين ونكبات سوريا والعراق ولبنان واليمن وما تحملُه الأيامُ للغد.
** نتكررُ فلا جديد؛ فما نقوله قالوه، وتغيّروا قليلًا أو كثيرًا وبقينا رهنَ ما أنجزوه صوابًا وخطأً ولم نستطع تجاوز المسافةِ بين «الثباتِ والتطور» أو بين التقدمِ والتدهور ليُضافُ الكلامُ إلى الأحلامِ والآلامِ والأوهام، ولو بُعثوا لظنوا أنهم لم يرحلوا؛ إذ الحالُ هي الحال.
** تحتاجُ الأمةُ إلى المشروعات فوق التشريعات والسعي مع الوعي والفعلِ الناجزِ لحفظِ ما تبقى من أرضٍ لم يدنسها يهودٌ وفرسٌ وروم، ولعل جيلًا سيأتي يستطيعُ تغييرَ موازينِ القوى دون أن يُرهقَ ناسه بالهذر والهدرِ؛ فما عاد في الكلامِ كلام.
(2)
** عرفنا « الرَّقة» من العجيلي و»سَلَمية» من الماغوط و» عين كفاع» من مارون عبُّود و»بسكنتا» من ميخائيل نعيمة و»الفريكة» من الريحاني و»بشَرِّي» من جبران، أو عرفناهم بها، وغيرَها من غيرِهم؛ فلا ضيرَ من اعتزازٍ لا يتبعُه امتيازٌ أو انحيازٌ أوتقريبُ عصبةٌ أو انتصارٌ لعصبية.
(3)
** إذكاءُ الثاراتِ المذهبيةِ عبر النبشِ في التراث واستدعاءِ الموتى وإعادةِ القراءة والتفسيرِ والتأويل مهمةٌ تصدى لها بعض الباحثين وطلبةِ العلم، وتابعهم مقلّدوهم ورامُو أعواد الثقاب في الهشيم المشتعلِ أصلًا؛ فاللهم اخلف علينا خيرًا في علمنا وعلمائنا وفضاءاتنا.
** التربية الدينيةُ المتزنةُ أمانٌ من التطرفين: المندلقِ والمنغلق، والبيتُ هو المسؤولُ الأول قبل المدارس والمقررات والحلقات، وفتشوا في سِير المتطرفين في الاتجاهين وابحثوا في نشأتهم الأولى داخل منازلهم فربما قادتنا إلى منبعٍ غفلنا أو تغافلنا عنه ثم تفننَا في رمي التهم على سوانا.
(5)
** تأثير وسائط الاتصال يُلاحقنا في الكتابة؛ فمن مطولات المقالات والأبحاثِ إلى موجزها إلى سطورها لتشبهَ الرسائل العجلى، أعان الله جيلًا ثقافتُه تغريداتٌ وبرقيات.
(6)
** الصورةُ خطوط