جاسر عبدالعزيز الجاسر
لا يمكن لأي نظام أو حاكم أن يواجه غضب وثورة الجماهير، هكذا يعلِّمنا التاريخ، والذي يجب أن يستفيد من قراءته والتمعن في فقراته كل الحكام الظالمين والمستبدين، وأولهم نظام ملالي إيران، وعملاؤهم في سوريا والعراق ولبنان.
نظام ملالي إيران وبكل وقاحة يحاول إجهاض ثورة الجماهير في العراق التي تزداد عنفاً بعد كل جمعة تظاهر، حيث كانت الجمعة الأخيرة الأكثر مشاركة للجماهير، والتي ضمت أناساً من كل الطوائف والأحزاب وإن بدأ المؤيدون لنوري المالكي ولشريحته من حزب الدعوة الطائفي بالانسحاب من المظاهرات أو محاولة التشويه على المتظاهرين من خلال رفع شعارات استفزازية وتخوينية.
المظاهرات الشعبية التي تنبىء بثورة شعبية ستشمل كل محافظات العراق، فقد امتدت إلى خارج بغداد، وبدأت الجماهير تطالب بإبعاد المحافظين الذين تدور حولهم الشبهات، وهكذا استطاعت الجماهير في النجف من إسقاط محافظها، وكذلك فعلت في المثنى التي قدَّم محافظها استقالته، في حين رفع محافظ الديوانية استقالته إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي.
أيضاً امتدت التظاهرات والاحتجاجات إلى محافظة البصرة التي تطالب الجماهير تنظيف ديون المحافظة وكبار المسؤولين الذين ارتكبوا كثيراً من الأخطاء، ومرروا بالعديد من عمليات الفساد، كما يتهمهم المتظاهرون الذين وبعد أن تأخر الاستجابة لمطالبهم قاموا بتنفيذها، حيث اقتحمت الجماهير الشعبية الغاضبة قائمقامية الفاو وأخرجوا القائمقام من مقر الحاكمية ورموه للخارج، وهو الفعل نفسه الذي تكرر في أكثر من مدينة، وهذا وبرأي الذي يتابعون المشهد العراقي يؤذن بأن الجماهير العراقية قد ملت الإجراءات البطيئة، وأنها تهدد بإشعال ثورة عارمة، وفي الوقت نفسه تعطي إنذاراً لنظام ملالي إيران بعدم التدخل لوقف الإصلاحات.
هذا المؤشر فهمه الدكتور حيدر العبادي والعقلاء من حزب الدعوة الحاكم وكذلك المرجعية الشيعية في النجف التي رمت بثقلها في تأييدها للمتظاهرين وإجراءات رئيس الوزراء، وهذا من شأنه ليس تعزيز تنفيذ الإصلاحات التي يواصل حيدر العبادي إصدارها بل سرعة تنفيذها وإضعاف النفوذ الإيراني الذي بدأ يسمع ولأول مرة من يرفض أوامره، وهو ما واجهه قاسم سليماني أثناء اجتماع التحالف الشيعي من رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي طالبه بعدم اعتراض الإصلاحات التي يستحقها الشعب العراقي.