جاسر عبدالعزيز الجاسر
ما يحدث في عدد من الدول العربية التي سقطت في دائرة نفوذ الطائفيين التابعين لنظام ملالي إيران يجعل المرء يستذكر ما حصل لكثير من الأمم والكيانات التي احتاجت إلى من يساعدها على مسايرة التطور الحضاري والعصري حتى تصل إلى المستوى الذي يؤهلها لحكم نفسها. بعد فترة الاستعمار وأمام رغبة الشعوب في التخلص من هيمنة الدول التي استعمرت الأمم والشعوب المستضعفة، تفتقت عقول المفكرين السياسيين إلى أسلوب يؤهل تلك الشعوب إلى حكم نفسها وإدارة أوضاعها بعد التخلص من الاستعمار. الفكرة كانت بسيطة تتلخص بوضع تلك الأمم والشعوب تحت الانتداب.
الآن الوضع في لبنان والعراق ومنهما سوريا هو استعمار مبطن لنظام ملالي إيران، فعملاء إيران المدعمون بمليشيات مسلحة مزودة بأسلحة من إيران وأموال تدفع لسياسيين ومقاتلين يعملون دون خجل وبلا تردد بتنفيذ أجندات نظام إيران، وما نشهده الآن في لبنان والعراق وسوريا جميعاً هو تسلط استعماري وإن كان تحت غطاء محلي وظف الانتماءات الطائفية المسيسة.
ففي لبنان يجرد عملاء ملالي إيران البلاد من مؤسساته الدستورية، ويمنعون بأساليب باتت مفضوحة أي ممارسة اللبنانيين لحقوقهم الدستورية والسياسية. فبعد منع انتخاب رئيس للجمهورية أكثر من عام، جاء الدور على حرمان لبنان من حكومة تدير أوضاع البلاد، فبعد محاولات الهيمنة التي أراد جماعة عون فرضها على رئيس الحكومة تمام سلام والذي تصدى لها بحزم اتجه وزراء عون وحلفاؤهم من وزراء حسن نصر الله إلى تعطيل عمل الحكومة بالانتخابات، ويوم الخميس لم يحضروا اجتماع الحكومة المخصص لبحث قضية تظاهر اللبنانيون من أجل معالجتها، وهي قضية تكدس النفايات.
وهدف عملاء إيران من جماعة نصر الله وعون هو تعطيل المؤسسة الدستورية الثانية بعد مؤسسة الرئاسة، وبفقدان لبنان مؤسسة الحكومة، وبوجود مجلس نواب مددت فترة عمله، يكون لبنان بلا مؤسسات دستورية، مما يتيح لحزب حسن نصر الله الذي يمتلك أكبر قوة عسكرية مدججة بأسلحة لا يملكها الجيش اللبناني من فرض إرادته على لبنان، وهو ما تحقق نفسه لعملاء إيران في سوريا، إذ أصبح الحرس الثوري الإيراني ومليشيات حسن نصر الله هم الذين يديرون الأوضاع في سوريا تماماً مثلما كان يفعل المستعمرون سابقاً في البلدان التي يستعمرونها، فقبل أيام وما زال الإيرانيون يتفاوضون دون أي مشاركة من النظام الحاكم في سوريا مع الثوار السوريين لترتيب تسوية في منطقة الزبداني.
أما في العراق فالمندوب السامي الإيراني قاسم سليماني يشارك في اجتماعات التحالف الشيعي الحاكم لإبلاغ أعضائه رؤساء الأحزاب الطائفية التي تدين بالولاء لملالي إيران أكثر من ولائهم للعراق.
كل هذا يتطلب أن توضع هذه الدول العربية الثلاثة تحت الولاية الأممية بنظام الانتداب والوصاية الدولية لتنظيفها من الاستعمار والهيمنة الإيرانية.