جاسر عبدالعزيز الجاسر
استطاعت نفايات وأكوام الزبالة تجميع اللبنانيين وتعيد اللحمة لهذا الشعب الذي فرقته السياسة ودكاكين الطوائف المذهبية والدينية.
أمس جمعت التظاهرات والاعتصام الذي شهدته ساحة رياض الصلح في بيروت كل اللبنانيين وتكاتف كتف أنصار حركة 14 آذار مع أنصار حركة 8 آذار ليعيد اللبنانيون انصهارهم مرة أخرى مذكرين بما فعلوا قبل انتخاب الرئيس ميشيل سليمان الذي ترك كرسي الرئاسة فارغاً، ولم يشغل بعد بسبب التدخلات الخارجية وعجز النواب اللبنانيين عن انتخاب رئيس جديد لخضوعهم لإرادة نظام ملالي إيران الذين يريدون رئيساً عميلاً يتلقى أوامره من طهران.
قبيل انتخاب سليمان ذهب النواب وسياسيو لبنان إلى الدوحة العاصمة القطرية للتفاهم حول الرئيس الجديد وطالت المباحثات والتجاذبات في قطر؛ حيث ظل النواب والسياسيون اللبنانيون يزيدون ويرفعوا مطالبهم المالية وابتزاز القطريين للموافقة على مرشح التوافق الذي قدمته قطر وهو الرئيس سليمان الذي كان واحداً من أفضل الرؤساء الذين مروا على الرئاسة اللبنانية: ولما طالت مدة بقاء نواب لبنان في الدوحة ظهرت المظاهرات وملأ المتظاهرون طريق المطار وقطعوها رافعين لافتات تطالب بعدم عودة النواب ما لم يختاروا رئيساً، وأن يبقوا خارج لبنان الذين لا يستحقون العيش فيه بعد ما عجزوا عن حل مشكلة اختيار رئيس للبلد الذي انتخبوا من أجل الدفاع عن مصالح أبنائه، يومها كان كل اللبنانيين متضامنين، تجاوزوا أحزابهم الفاسدة، وممثلي الطوائف الذين يميلون لمن يدفع أكثر، وقد نجح اللبنانيون في التعجيل بانتخاب رئيس أدار فترة حكمه بتوازن، ولم يعد النواب إلى لبنان إلا بعد الاتفاق على ذلك الرئيس.
اليوم تجمع اللبنانيون في ساحة رياض الصلح معتصمين أمام مجلس النواب اللبناني الذي يجمع ممثلي دكاكين السياسة والطائفية في البلد الذي كان منارة الفكر في المنطقة، وقد أدى تراكم النفايات وازدياد الزبالة في شوارع وأزقة بيروت إلى انتشار الروائح العفنة، ليس لأكوام الزبالة، بل تفاقم روائح زبالة السياسيين اللبنانيين الذين عجزوا عن حل كل ما يواجهه الشعب اللبناني من مشاكل، ومشكلة تراكم الزبالة ما كان لها أن تحصل لو تعامل السياسيون والنواب تعامل الحكومات النظيفة والسياسيون الحريصون على بلدهم، إذ إن السبب في هذه المشكلة وكما تكشف للبنانيين هو الاختلاف على حصة الكتل السياسية من (عمولة المناقصة) بمعنى أن الكتل السياسية والنواب ينتظرون رشوة حتى تنظف لبنان من الزبالة، وهو ما دفع اللبنانيين إلى التظاهر والاعتصام أمام البرلمان لتنظيف لبنان من زبالة السياسة بعد أن طلعت ريحتهم التي فاقت عفونتها ريحة أكوام النفايات التي تملأ شوارع بيروت.