م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - لا يكفي أن تسافر إلى أرض جديدة لتكتشف شيئاً جديداً، بل يجب أن تنظر إلى الأشياء بعيون جديدة.. فالحكم على الشيء فرع من تصوّره.. ولا يكفي أن ترى شيئاً جديداً إذا كنت تنظر إليه بذات العقلية السائدة وتقيسه بذات المقاييس المعتادة وتنطلق في حكمك عليه من ذات المنطلقات القديمة.. كما لا تكفي مغادرتك المكان إذا لم يغادر معك عقلك.. فلا فائدة من رحيل الجسد إذا بقي العقل مكانه.. يعيش في ذاكرته ويُصْدر عنها أحكامه أو قراراته أو آراءه أو مقترحاته.
2 - الصلة بينك وبين الناس أو المكان أو الزمان أو الظروف أو المحيط بمناظره وروائحه وأصواته وملمسه وتعامله حالة عقلية شعورية بحتة تملؤك بإحساس عميق وتشعرك بأنك خارج نطاق المكان والزمان.. هذا الإحساس هو في جانب منه إحساس زائف خادع للنفس.. لكنه في جانب آخر أكبر راحة للضمير وتحكم بالنفس وسيطرة على الأحاسيس.. وهذه مَلَكَة لا يؤتاها إلا أولو الحظ العظيم.
3 - انتقال العقل دون الجسد هو انتقال افتراضي تخيلي إذا لم يكن في موضعه فهو مرض نفسي يأتي بصفات وأسماء كثيرة كالوسواس القهري وانفصام الشخصية وجنون العظمة.. إلخ.. أما إذا أتى في موضعه ووقته فهو علاج ودواء للنفس وحماية لها ووقاية من أن يندبها أو يخدشها واقع مرير.. فهو ارتحال إما عن سوء صحبة أو كآبة منظر أو إزعاج صوت أو خبث رائحة أو خشونة ملمس أو فساد خُلُق أو ضحالة عقل أو هروب من موقف.. وهذه راحة نفسية تنقذ بها روحك من ظرف مزعج.
4 - يرصد تاريخنا الإسلامي قصصاً كثيرة عن مثل هذه الحالة مثل قصة الإمامين الشافعي وابن حنبل.. وكيف أنهما احتملا السجن والعزلة والتعذيب ذلك بأنهما وجدا الجنة في صدريهما.. وفي عصرنا الحديث هناك قصص مشابهة تنتقل فيها الروح بأحاسيسها بواسطة عقل خلق عالماً افتراضياً خارج العالم الواقعي فعاشت فيه الروح خارج الجسد.. ليستطيع البقاء حياً.
5 - الحرية الحقيقية هي حرية العقل.