م .عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. لكل فكر عام سواء كان دينياً أو فلسفياً أو إبداعياً مريدون سلوكياتهم الجماعية شبيهة بسلوكيات الاتباع.. وهي الاطمئنان للسير مع الجموع حتى وإن كان لهم رأي آخر، لكنهم لا يملكون إلاّ أن يسيروا وسط الحشود.. ولديهم ذلك الإحساس العالي بأنهم سوف يؤكلون كالشاردة من الإبل إن لم يسيروا مع البقية مع أنهم يعرفون أنهم سائرون إلى الهلاك.. لذلك فمن قيمهم أنهم يرون أن الموت مع الجماعة رحمة.
2. الأتباع يرون في الاتباع راحة.. راحة من التفكير وراحة من المسؤولية وراحة للأعصاب.. يتخذون موقف الجماعة مقتنعين بضآلة حجمهم وبالتالي بانعدام تأثيرهم.. ويرون في ذلك مبرراً لإسلام مصيرهم مع الجموع.. وهم يصفون أنفسهم بأنهم عود في حزمة.. ويرون أنّ الحقوق للمجموع حتى لو كان ذلك على حساب الفرد.
3. التابع ليس له موقف مستقل بل موقفه دائماً مع التيار الذي يماثله.. وهو يقول ما يقولون ليس لأنه يعي تماماً ما يقولون، بل لأنه تابع أمين لتيار يرى نفسه أحد كوادره.. فهو «من غزية إن غوت يغوى وإن ترشدُ» غزية يرشدِ حتى لو كان مثقفاً متخصصاً في مجاله.. وهو مماثل لعديدين لديهم ذات الصفات من التشدد الديني أو المذهبي أو الفكري، إلى جانب التخصص العلمي الدقيق والعالي أحياناً.. وتعجب كيف أنّ التعليم لم يؤثر في أنفسهم وسلوكياتهم ويجعلهم أكثر استقلالاً فيما يخص حياتهم.. وأكثر عدلاً في الحكم على الأشياء والنظر إلى الأمور.. وتتساءل هل موقفهم هذا استجابة لغريزة فطرية أم موقف حزبي تباعي؟!.
4. والسائد أنه حينما يقع حدث ينقسم الناس إلى قسمين.. الأول: (مع) بيقين عميق وأكثرهم لا يدرون لماذا!.. والثاني: (ضد) باندفاع كبير وأكثرهم لا يدرون لماذا!.. وبينهما فئة ثالثة ليس لها صوت أو تأثير وهي التي تنتقل من حال إلى حال حسب موقعها ومصالحها.. فيضيع الباحثون عن الحقيقة ويقعون إما في خانة الاصطفاف المتحزب أو الانسحاب السلبي أو الاكتفاء بالاكتئاب ولعب دور المتفرج المتذمر.
5. التحزُّب في أي شيء يحوّله إلى سياسة.