م .عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
هل من الصالح العام السكوت عما لا يجب السكوت عليه.. أو التعامي عما لا يمكن التغاضي عنه.. أو النفي لما لا يمكن إنكاره؟.. بمعنى آخر: هل من الصالح العام دفن الرأس في الرمال حتى لا نرى ما يحيط بنا ونظن أننا بذلك أيضاً لا يرانا أحد؟
لماذا بعض الأحياء يرتفع فيها معدل المخالفات المرورية.. ولماذا بعض الأحياء الأخرى تزيد فيها نسبة الجريمة.. ولماذا بعض المناطق يزيد فيها طالبو الجهاد بالإرهاب.. ولماذا بعض الجاليات الوافدة يطغى فيها اللصوص.. ولماذا بعض المدن ينتشر فيها الفساد الإداري أكثر من غيرها؟
كل هذه الأحياء والمدن والمناطق والجاليات معروفة لدينا ونردد أسماءها في مجالسنا لكننا لا يمكن أن نذكرها بشكل رسمي ناهيك عن أن تُنْشر في وسيلة إعلامية بارزة.
ماذا لو حددنا أن الحي (أ) مثلاً تزيد فيه المخالفات المرورية.. ثم درسنا مسببات ذلك.. هل هو بسبب المستوى التعليمي لأهل الحي أم المستوى الاجتماعي أو المستوى المعيشي أم التربية؟.. ثم بعد تحديد الحي وتشخيص الأسباب والمبررات بدأنا بالعلاج.. أو على الأقل بدأنا باقتراح العلاج وأدواته وآلياته.. هل هذا سوف يكون في صالح المجتمع أم ضار له؟
ماذا لو حددنا أن المنطقة (ب) هي أحد أكبر المناطق المصدرة للشباب الذي يرى في تفجير الناس وقتلهم جهاداً في سبيل الله.. ثم شخصنا الأسباب.. ثم بحثنا عن الحلول العلاجية.. هل نكون بذلك نهين أهل وعوائل تلك المنطقة أم نعينهم؟
ماذا لو حددنا أن الجالية الوافدة (ج) التي لا ترى من وسائل الكسب والعيش سوى السطو والاحتيال والتزوير.. ثم قمنا بالحد من استقدامهم أو ركزنا على تطوير مفاهيمهم تجاه العمل.. هل نكون عنصريين لو حددناهم وأفهمناهم خطأ ما يصنعون.. وأن هذا هو انطباعنا عنهم ومعرفتنا بهم.. ألا يكون ذلك مدعاة للانتباه منهم ونوعاً من التحذير لهم؟
هناك الكثير من المحاذير التي تعيق التنمية والتقدم والعلاج.. فنحن خشية الوقوع في محذور التصنيف الذي يقود إلى العزل والإقصاء والعنصرية نمنع التحديد والتشخيص.. لكن لا بد من علاج.. ولا بد أن يعي المريض مرضه حتى يتم العلاج.. ونحن اليوم مجتمع فتي ناهض متوثب وحضورنا بخيره وشره شمل العالم كله.. ألا يكفي هذا سبباً لأن ننتبه لحالنا ونبدأ في العلاج؟