ميسون أبو بكر
لعلك إن وثقت بما أقول عزيزي القارئ ستمتلئ بهجة وزهواً غير مزعومين، وستستحسن ما أكتب هنا من واقع تجربة لمستها عبر ترحالي، وسأشاركك القرار والعزم ووعد النفس بأن نمضي قدماً للأحسن وما يمكنه أن يجعلنا في مصاف الدول المتميزة، لعلنا نتخلص من عقدة النقص والمقارنة مع الغرب في الصغيرة والكبيرة.
لن أخفيك أني أبتهل إلى الله بالحمد والشكر كلما عقدت المقارنة بين ما يقدم لنا من خدمات علها لا تكبر في عينك إلا إذا تخيلت شقاء الآخرين بسبب الحرمان منها، كأن تعفى من دفع الضرائب على كل مرفق من مرافق الحياة، وأن تكون حراً معززاً في بلدك بعيداً عن إنذارك وتغريمك لأتفه الأسباب كأن يتساقط مثلاً روث الحمام من نافذتك على باحة جارك أو نافذته، وأن تدفع مبالغ لا يستهان بها لأنك تود أن توقف مركبتك أمام مقر عملك أو منزلك أو حديقة الأطفال في حيّك؟
في الغرب يفضلون السير آلاف الأمتار على التنقل بمركباتهم التي قد تقف أياماً دون ركوبها بسبب ارتفاع تكلفة الوقود وغلاء المواقف أو صعوبة العثور على موقف؛ ورغم أهمية رياضة المشي ًإلا أنه لا يعتبر ممتعة في ظروف حرارة الجو أو شدة البرودة وارتداء الثياب الرسمية عند قصد العمل .
في بلادنا العربية بوجه عام ومملكتنا بشكل خاص تجد المطاعم ومتاجر المواد الغذائية وصيدليات الدواء متوفرة على مدار الساعة بينما لها ساعاتها المعدودة والمحدودة جداً في الغرب.
يتورع الغربيون من الحديث مع الغرباء، ( على خلاف الحال في أمريكا) قد تؤذيك ملامح وجوههم الصارمة العابسة، وهم لا يلقون التحية وقد يمتنعون عن إجابة سؤالك لإرشادك لوجهة ما، كما العلاقات الأسرية تفتقر إلى الحميمية فيما بينهم والتي باتت لدينا نحن أيضا فاترة بسبب انشغال أفراد الأسرة في المكان الواحد بجوّاله وعالمه الإلكترونيّ بعد أن كانت علاقات واجتماعات لها خصوصيتها.
المرأة الغربية تنهمك بالأعمال الشاقة ؛ لا تختلف عن الرجل ولا يكرمها دين أو عادات مجتمع يحترم أنوثتها وأمومتها، فحالها حال الرجل، بينما في بلادنا تكرم المرأة فلا تعمل في حمل الحقائب ولا في تنظيف الفنادق ولا في الوظائف التي تمتهن أنوثتها، ولها على زوجها حق الإنفاق عليها وقضاء حاجاتها بما تقتضيه القوامة كما وصل أسرتها وذويها .
إن المجتمع لديهم يتكون من الفرد وليس الأسرة التي هي نواة مجتمعاتنا، فكل يتحمل أعباء الحياة منفرداً، فتكثر لديهم ظاهرة الـ (home less) أولئك الذين ينامون في الزقاق والشوارع عراة، بينما منّ الله على مجتمعاتنا بالتكافل الاجتماعي والجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدة لأولئك.
التأمين على الحياة والمنزل والمقتنيات هو عبء يضاف على أولئك فمجتمعاتهم تحاصرهم بالماديات المرهقة ومتطلبات الحياة الغالية وأهمها التعليم، بينما نحظى هنا بتعليم مجاني ونظام الابتعاث الذي مكن أبناءنا من السفر للخارج والدمج بالمجتمعات الغربية .
عزيزي القارئ لا تتذمر أبداً بل ابحث عن الأمور الإيجابية في الغرب واقتد بها ، فالحضارة الكونية تتكون من ثقافات متعددة، كما عليك أن تعتز بوطنك واحتوائه لك ولَك أن تنتمي إليه فالمواطنة مفهوم عميق لا يعيه إلا المواطن الحقيقي.
من آخر البحر
الله أيتها الحبيبة
كم أشتاقك
نسيت ملامحي في لجِّ ليلك.
...
فرحي معلق كأجراس مختنقة
وقلبي ينبض داخل سحابة صيف
توقفت تحت سماء بيتي
دثريني بأشواقي أيتها المعشوقة
افتحي لي بوابة الغيم
ستحملني النوارس ثم تلقي بمهدي بين أذرعة الريح حين أصل منتهاي إليك
يقرع نبضي
أيتها الرياض
فافتحي الأبواب لي