ميسون أبو بكر
في حوار بسيط بدأته مع ابني عبد الرحمن ابن التاسعة عشرة، كان كاختبار صغير لجس أفكاره ورأيه بتلك المنظمات الإرهابية ودواعش العصر الذين يستهدفون فئة الشباب ويغوونهم ويلوثون عقولهم وأفكارهم، وقد أراحني كثيراً تنبُّهه لهذه الفئة بل امتعاضه من أفعالهم واستباحتهم لحرمة بيوت الله وقتلهم النفس التي حرّم الله.
في هذا الوقت إن الحوار والنقاش مع أبنائنا أمر ضروريّ في ظل ما نواجه من هجمات شرسة لغسل أدمغتهم، أو دعوني أقول بعد اكتشاف المخدر الذي يُعطى لمنفذي العمليات الانتحارية، وذلك لإقناعهم بالقتل والانتحار والتفجير بأحزمة ناسفة في بيوت الله وبدم بارد.
{وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} لكنهم وبكل سهولة يفعلون ، فهم مغيّبون عن الوعي مسلوبو الإرادة، إنهم مخدرون، وهذا يفسر ويبرر انسياق الشباب لتنفيذ الانتحار والتفجير بأعز ما يملك الإنسان؛ وطنه وذووه ولعل ذلك الشاب الذي لا يتجاوز التاسعة عشرة والذي قتل خاله ثم فجر نفسه في الحائر، وذاك الذي قتل والده في الجنوب، لهي أدلّة على أن عقولهم مسلوبة وتفكيرهم ضال، ويظهر هذا جلياً في مقاطع الفيديو التي تتسرب من هذه الجماعات حيث يظهر على ملامحهم البرود والتحليق بعالم آخر.
وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع تويتر غدت خطراً يحدق بالشباب، مجموعات الواتس اب لا أبالغ حين أقول شرها أكبر من فائدتها، فقد استفحلت فيها النقاشات واستهلكت الكثير من الوقت وحوّلت العارف والجاهل لمحلل سياسي، وعالم ومفكر وفقيه، بينما البعض ما هم إلا ببغاوات لأصحاب الفكر الداعشي، أما تويتر فحدث ولا حرج، فبعض المواقع مصيدة لشبابنا وتهديد للبعض الآخر كما حدث معي بعد متابعة بعض الدواعش لحسابي فقد ظهر ضعفهم ورعبهم أمام الكلمة وقدرتها وفاعليتها على التأثير، وكالوا لي بالشتائم والتهديدات.
وقد لا أنكر أنه على تويتر خضت وغيري من الكتّاب الوطنيين حوارات مؤثرة ومقنعة ومجدية مع بعض الشباب العربي .
إنّ ما نتابعه من قصص واقعية وثّقتها أفلام مصورة تناقلتها شبكات الإنترنت والتلفاز عن حوادث وحكايات وقعت مع عوائل في الغرب، كان أبناؤهم ضحايا المنظمات الإرهابية التي استقطبتهم على الإنترنت، ومنها الفتاة الألمانية التي كانت تتواصل مع سيدة داعية ، دعتها باسم الإسلام إلى داعش الذي التحقت به ضمن ما يسمى « بجهاد النكاح»، وقد سهلت لها السيدة سفرها إلى تركيا ومنها سوريا، وكل هذا عبر العالم الافتراضي، وما لبثت أن تركت أسرتها وهربت دون أي مبررات لذلك إلا كما أعتقد في حالتها «الشهوة الجنسية والهوس الجنسي» التي لا يمكن لسبب غيره أن يغوي فتاة غير مسلمة بالأصل إلى تنظيم مشوّه ليس لثقافتها جذور معه، غير أفلام العنف التي اعتلى أبطالها مسرح هوليوود، وكانت أشد خطراً على الشباب الذي أدمنها أكثر من أي شيء آخر.
كان في حديثي مع عبد الرحمن ما يقرع جرس الخطر ولو بصوت خافت، فقد أصغيت لبعض القصص والأفكار التي نقلها عن أستاذه، وهنا لي أن أتوقف ومن هم بموقع المسؤولية عند ضرورة متابعة الأساتذة والمعلمين سواء في الجامعة أو المدرسة أو المسجد ومعرفة انتماءاتهم الفكرية، وخلفياتهم لكي لا يتم إشباع الأجيال بمعتقدات وأفكار جاهلة أو خاطئة قد تأخذ الشاب لما لا يحمد عقباه، حيث تجعله أسيراً لها وهو الذي لزمته عبارة «الأستاذ قال».
من أول البحر
« غدار هو البحر
أخشى أن يضل بقلبي في لجّة الموج
غادر إن لم تكن مرساة القلب
بيد بحارة ماهر