عروبة المنيف
دوراننا في دائرة مغلقة لنعود إلى حيث انطلقنا ونتساءل، ما الذي أرجعنا إلى تلك النقطة التي انطلقنا منها؟، لنعاود الكرة في الدوران مرة أخرى حتى ننسى من أين انطلقنا وما هي نقطة البداية، لينطبق علينا ما صدحت به فيروز عندما غنت أغنية «يا دارة دوري فينا.. ضلي دوري فينا... تينسوا أساميهن.. وننسى أسامينا».
نتعجب ونتساءل، لماذا البطالة متفشية بين أبنائنا؟، لماذا هي في ازدياد مطرد على الرغم من كل الإجراءات الحكومية التي مورست في السابق والممارسة حالياً لمحاربتها؟ ولماذا يشتكي أرباب العمل من انخفاض كفاءة خريجي الجامعات السعودية مقارنة بغيرهم؟ لتأتينا الإجابة بسرعة البرق سنة وراء سنة من مركز «التصنيف العالمي للجامعات» «cwur» ليؤكد لنا الحقيقة المرة التي نتجرعها سنوياً، فقد غابت الجامعات السعودية «الثماني والعشرين» هذه السنة 2015 عن المراكز الخمسمائة الأولى في ذلك التصنيف العالمي! لقد حققت جامعة الملك سعود في ذلك التصنيف المركز 565 ضمن الـ1000 جامعة عالمياً، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «KAUST» في المرتبة 704، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المرتبة 847 وآخرها جامعة الملك عبدالعزيز في المرتبة 995.
لقد حافظت الجامعات الأمريكية على استمرارية استحواذها للمراتب المتقدمة الثلاث الأولى على التوالي، هارفارد وستانفورد ومعهد ماساتشوستش للتكنولوجيا، فيما حلت الجامعتان البريطانيتان العريقتان كامبريدج وأكسفورد في المرتبتين الرابعة والخامسة.
موقعنا في ذيل القائمة الألفية للتصنيف العالمي سنة بعد سنة على الرغم من الصرف الباذخ على قطاع التعليم الذي يستحوذ على ربع الميزانية السنوية، يضعنا أمام تساؤلات عديدة ومرّة تتعلق بتردي مستوى الجامعات السعودية على الرغم من الإنفاق المبالغ فيه عليها.
إن خطوة ضم التعليم العالي للتعليم العام ساهم في تفاقم مشكلة البيروقراطية بالجامعات والتي بدأت تطفو على السطح مثيرة للرأي العام كالفساد الإداري والمحسوبية، أولها القضية التي اتهم فيها مدير مركز التصنيف العالمي للجامعات «cuwr» مسؤولاً كبيراً في جامعة الملك عبدالعزيز بمساومته على رفع تصنيف الجامعة أو استبعاده من العمل كمستشار لإدارة الجامعة!، وثانيها قضية طالبة جامعة تبوك ووالدتها المعلمة التي ماتت في حرم الجامعة على إثر إصابتها بصدمة عصبية نفسية جراء عدم قبول ابنتها في التخصص الذي ترغبه رغم تفوقها واستيفائها شروط القبول، ما أثار الرأي العام في التشكيك في إجراءات القبول والتسجيل وتدخل الواسطة والمحسوبية وغياب العدالة في الإجراءات المتبعة.
تتطلب المرحلة الحالية البدء في مرحلة فصل الجامعات عن التعليم العام ومنحها الاستقلالية الكاملة سواء الإدارية أو المالية أو الأكاديمية وإلا ستغرق الجامعات في وحل البيروقراطية والفساد الإداري والاستبداد الأكاديمي والثقافي .
إن استقلال الجامعات عن التعليم العام سيساهم في زيادة التنافس بينهما ما يعمل على الرفع من مستوى الجودة الأكاديمية والعمل الإداري ويرشد الإنفاق الذي فاق جودة المخرجات بشكل كبير.
بعد أن أتحفنا المركز العالمي لتصنيف الجامعات بهذه المراكز المرموقة لجامعاتنا في العالم، هل يا ترى ستستمر سياسة وزارة التعليم الحالية المتعلقة بتقييد الابتعاث للخارج والممارسة حالياً؟. من أجل رفع كفاءة المخرجات التعليمية التي تعتبر رافداً أساسياً للتنمية الوطنية، أقترح توفير مبلغ ما يصرف على الطالب أو الطالبة في جامعاتنا وإنفاقه لتعليمهم في جامعات غربية لها الصدارة؛ توفيراً للمال والجهد، وضماناً لعملية الجودة التعليمية.