عروبة المنيف
إنها تتمدد، تنتشر، تتوغل، هي سرطان كوني خبيث، تتغلغل بسرعة فائقة وبقوة في أرجاء هذا الكون، وللأسف لم ينفع مع هذا الورم الخبيث إلى الآن الوسائل العلاجية المتعارف عليها من كيميائي وإشعاعي ودوائي وغيره.
لقد مضى أكثر من سنة على ظهور المرض الداعشي الخبيث وتوغله في كرتنا الأرضية ومهاجمته لها وبهذه السرعة والقوة حتى أصبح هاجس الكون كله ، فلو أن هناك بشراً على كوكب المريخ لهاجمهم ذلك الورم الداعشي الخبيث، فقد تكشفت نواياه الخبيثة المتمثلة في تدمير الكون والولوج في خلاياه السليمة للإجهاز عليها.
ابتدأ المرض في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني غالبية دويلاته من أمراض مزمنة أقلها القمع والتهميش والفساد والتسلط والديكتاتورية وقمع الحريات، تطور المرض فأصبح ورماً داعشياً خبيثاً تغلغل في كامل الكيان الشرق أوسطي ليهاجم الخلايا الحيوية المتمثلة في شباب الأمة فيتوغل في أدمغتهم التي وجدها مؤهلة لاستقبال فكرهم العنيف والغاضب في سبيل تأهيلهم للقيام بأدوار خبيثة ترتكز على مهاجمة كيانهم الأممي.
انتشر الورم ووصل للعديد من الدول في هذا الكون، فتجاوز محيطه الشرق أوسطي لينتشر في عوالم أخرى، فدول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها تتم مهاجمتها من قبل ذلك السرطان الداعشي الخبيث ليتوغل في أدمغة أبنائه وبناته أيضاً، على الرغم من الاحتياطات الوقائية التي انتهجتها حكومات تلك الدول لتحصين مجتمعاتها، ولكن هيهات، فالجسد الكوني أصبح واحداً والتواصل بين أرجاء هذا الكون أصبح ميسراً، فالإعلام التقني الذي هو سلاح ذو حدين ساهم في انتشار ذلك الورم الخبيث. لم تسلم الأعضاء الحساسة أيضاً في ذلك الجسد الكوني ، فها هو الورم الداعشي الخبيث يهاجم القلب ، حيث المرأة التي هي رمز الرقة والحب والجمال والتضحية والأمومة والرحمة تستدرج وتنجرف هي الأخرى في مستنقع الإرهاب، فيغشاها ذلك الورم الخبيث لتلحق بالركب المدمر للإنسانية . ما يؤلم ويرفع من صوت الأنين أنّ الأطفال الصغار لم يسلموا هم أيضاً من هذا المرض المميت ، الذي توغل بطفولتهم مهاجماً الخلايا المتجددة والفتية عاملاً على تدميرها هي أيضاً ، فلداعش السبق في تجنيد الأطفال في معسكراتها واستغلال الطفولة في الممارسات الإرهابية.
هذا الانتشار الداعشي السريع والقوي في العالم والذي لم تفلح معه إلى الآن الإستيراتيجيات العلاجية التقليدية ، يتطلب تضافر الجهود الدولية من أجل عمل خطة دولية محكمة مضادة تسخر فيها التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة التي استغلتها داعش لتحقيق مآربها ونشر فكرها وتجنيد مؤيديها، لتكون هي إحدى الوسائل العلاجية الدولية المتاحة «وعالجهم بالتي كانت هي الداء» ، حيث يسهل تتبع حساباتهم الإلكترونية والإجهاز عليها ، بالإضافة إلى محاولة تشخيص دقيق للورم الداعشي الذي ظهر في الشرق لأوسط نتيجة للكبت والقمع ومصادرة الحريات ، حزب البعث السوري والعراقي أنموذجاً ، في طريقة استيلائهم على السلطة وممارسة أساليب القمع والإرهاب ضد شعوبهم وكون شعار فرِّق تسد ديدنهم ساهم في استفحال وخطورة تلك الأمراض لتصبح خبيثة وعصية على العلاج ، ويستفحل الوضع وتتوغل تلك الأورام وتنتشر في الأقطار المجاورة، حيث يتقاسمون ذات الأمراض والأعراض ويعيشون ذات المعاناة.
وقانا الله شر ذلك التوغل السرطاني الكوني المميت وأعاننا الله على تداعياته المريرة.