جاسر عبدالعزيز الجاسر
استغرب المبعوثون الدوليون الذين مثلوا الأمم المتحدة والمنظمات الأممية الأخرى، كحقوق الإنسان والعفو الدولية وغيرهما من المنظمات المتخصصة من التحصين الدولي الذي وفرته الولايات المتحدة الأمريكية لنوري المالكي، فكل من يقترب من حمى المالكي من مبعوثي هذه المنظمات لاكتشاف تجاوزات ومخالفات مرتكبة من قبله أو من الدائرة المحيطة به تأتيهم التعليمات بالابتعاد عن دائرة نوري المالكي وعدم الإساءة إليه، وإذا تمادى أي المبعوث يأتيه الأمر بـ(الصمت) وبكل وقاحة توجَّه له الكلمة الإنجليزية shut up والتي تعد شتماً أو توبيخاً يجعل ذلك المندوب يسكت على مضض.
ويوضح ذلك ممثل حقوق الإنسان السيد ستروان ستيفنون في المهرجان الدولي ليوم حقوق الإنسان ويقول: إنه قبل خمس سنوات عندما انتخبتُ لمنصب رئيس لجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي، طَلب مني عدد من السفراء الأوروبيين والسلطات في الاتحاد الأوروبي، أنه يجب أن أركز على تحسين العلاقات مع العراق، ولكن وبعد فترة ليست بالطويلة اكتشفت حقيقة نوري المالكي الذي لا يعدو دكتاتوراًًً فاسداً، وعندما أفصحت عن موقفي عن ذلك قيل لي في بروكسل يجب أن تلتزم الصمت لأنك ستزعزع الاستقرار في العراق، وتهدد المفاوضات النووية بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، وتعلم أن ثلاث دول أوروبية مهمة تتفاوض مع إيران، وفضحك لتدخلات إيران في العراق والكشف عن جرائم عميلهم المالكي سيؤثر على المفاوضات، إذن يجب أن (تصمت) shut up، إلا أنني لم أصمت وواصلت مع زملائي في الجمعية الأوروبية لحرية العراق في رفع أصواتنا، مما دفع نوري المالكي بعقد مؤتمر صحفي وصفني فيه بالكذب، ومن ثم أرسل مندوباً إلى مكتبي في البرلمان الأوروبي وسألني عما احتاجه للسكوت، فأجبته بأن ثمن سكوتي هو استقالتك ومحاسبتك بجرائم ارتكبتها وجماعتك ضد البشرية.
الغرب جميعاً يعرف كثيراً من جرائم نوري المالكي إلا أن الرسائل وما أسمعه وأبلغ به أن (أصمت) shut up، وهو يكشف مدى الغطاء الممنوح لنوري المالكي وجعله يواصل ارتكاب جرائمه ضد الشعب العراقي وبالذات أهل السنة.
عندما خسر نوري المالكي الانتخابات النيابية بفارق مقعدين لصالح إياد علاوي، اعترض النظام الإيراني على إياد علاوي الذي فقد مساندة المجتمع الدولي بالتخلي عنه رغم تاريخه النظيف وعدم طائفيته وإذعان أمريكا وبريطانيا وباقي الدول الأوربية للمطلب الإيراني لدعم المالكي ومساعدته في تكوين تحالف، وهو ما حدث، مما شكَّل بداية لأحداث كارثية وإلى ارتكاب المزيد من الجرائم الطائفية سالت بسببها شلالات من الدماء في الشوارع العراقية والتي حذرت منها العديد من المنظمات الدولية والقوى العراقية الوطنية.
التأسيس الطائفي الذي بدأه نوري المالكي وتشكيل فرق قتل متخصصة لمطاردة أبناء السنة وإنشاء مليشيات يقول عنها رئيس الوزراء العراقي الحالي الدكتور حيدر العبادي إن عددها وصل إلى أكثر من مليون فرد، وهي مدعومة وممولة من قبل فيلق القدس التابعة للنظام الإيراني، هذه المليشيات التي تكلف بمهام لخدمة الأهداف الإيرانية ومنها خارج العراق، حيث كلفت مليشيات ما يُسمى بأنصار الحق بالانضمام إلى القوات التي تدافع عن النظام السوري فيما تقوم مليشيات حزب الله العراقي بتدريب الإرهابيين البحرينيين وتكوين مليشيات إرهابية (مليشيات الأشتر) مخصصة لتنفيذ الجرائم الإرهابية في مملكة البحرين، وهناك تكليفات لهذه المليشيات التي تجمعت في تنظيم عسكري واحد هو الحشد الشعبي الذي يراد به أن يكون جيشاً موازياً سيكون بديلاً أو في أقل الأحوال منافساً للجيش العراقي، مثلما هو حاصل في إيران، إذ أصبح الحرس الثوري الإيراني هو الأكثر عدة وعدداً وتأثيراً في إيران.
كل هذا أسسه وأنشأه نوري المالكي الذي ارتكب مئات من الجرائم التي تكفي واحدة منها لاقتياده للوقوف أمام محكمة الجنايات الدولية لارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهو ما سيتحقق قريباً بعد أن تُرفع الحماية الأمريكية عنه بعد تحقيق صفقة الاتفاق النووي مما جعل نوري المالكي ورقة محترقة لدى الجانب الأمريكي، ولذا يحاول أن يلعب دوراً يجعله نافعاً لخدمة من استخدموه.