جاسر عبدالعزيز الجاسر
الذين ساءهم ما حققته العلاقة الطبيعية والجيدة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر، وما وصلت إليه درجة التنسيق السياسي والاقتصادي والإستراتيجي التي أعادت التوازن وبدرجة كبيرة بين العرب وبين أعدائهم الإقليميين وبين من يكيد لهم ويتحيّن الفرص للنيل منهم.
كل هؤلاء ممن كانوا ينتظرون مزيداً من التباعد العربي، أو ممن كانوا يطمعون بتمدد نفوذهم في المنطقة العربية، والذين أساءهم كثيراً التفاهم الإستراتيجي بين الدول الثلاث؛ لذلك يعملون بشتى السبل لهدم هذا التفاهم والتخريب ويتصيّدون أي عمل أو تصرّف يعد تصرفاً طبيعياً إلا أنهم يؤولونه ويضيفون إليه ما يعتبرونه خروجاً، بل حتى تآمراً وكيداً لأنظمة الدول الثلاث، ولأن المناخات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية مختلفة رغم أن الدول الثلاث تستند إلى الثقافة العربية العريقة إلا أن الاختلافات ظاهرة لاختلاف الظروف التي مرّت بها مجتمعاتها.
ولهذا فإن التركيز على ما يجري في مصر، يعد تدقيقاً مبالغاً فيه، فالشيء الذي يجب أن نعرفه ونتفهمه أنه ليس جميع من في مصر يرتاح لوجود علاقة طيِّبة مع السعودية ومع الإمارات ومع كل دول الخليج العربية، إذ لا يزال بعض من اليسار المصري ولفيف من باقي الناصريين وحتى الساداتيين من ينظرون إلى (الخلايجة) نظرة دونية يجب ألا يقبل منهم أي مساهمة في مساعدة مصر.
في المقابل هنا وفي دول خليجية عديدة هناك من يتعاطف مع (الإخونجية) ويرون أنهم أصحاب الشرعية، رغم أن المصريين هم من اختاروا وهم من رفضوا شرعية المرشد وجماعة الولاء والطاعة.
هذه الجماعات في مصر وفي الخليج هم من يعمل على هدم تطور العلاقات المميزة بين الخليج ومصر، وليس ضرورياً أن يكون عملهم منظماً أو حتى مدروساً، بل وليد اللحظة بل وحتى العفوية لأنه لا يمكن تغيير طبع اليساريين والناصريين الذين ظلوا ولسنين طويلة لا يطيقون الخليجيين، كما أنه لا يمكن تحقيق تعاطف من يرون في الإخوان (يخافون الله) رغم كل ما ارتكبوه من قتل وتفجيرات وتنفيذهم لعمليات إرهابية ضد المواطنين وضباط ومجندي القوات المسلحة المصرية.. فالطبع هو الطبع ولا يمكن للتطبيع أن يأخذ مساره إلا ممن يقدمون عليه بنواياه طيّبة غير متأثرين بأفكار سابقة ولهذا فاعتبار حديث محمد حسنين هيكل لصحيفة السفير تراجعاً مصرياً وأن هيكل يتحدث عن حكام مصر الجدد فإن هذا تجاوز للواقع ولا يتطابق مع تفكير الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكام المصريين الجدد، فالسيسي ليس تابعاً وليس مسؤولاً عن أقوال وأفعال غيره إلا ممن يكلفه بعمل رسمي كرئيس حكومة، أو وزير، أما أن يتحدث صحفي أو غيره سبق للسيسي أن التقاه وأستمع له وربما اقتنع ببعض ما قدّمه من أفكاره، فليس هذا معناه أنه يوافق على كل ما يقوله ذلك الصحفي وما يفعله، وعن تاريخه وموقفه من أهل الخليج ومن آيات إيران.
وهذا هو ما فهمناه نحن في السعودية الذين لا يمكن أن نرد على كل من يطلق رأياً أو يتخذ موقفاً وخصوصاً أن هؤلاء تاريخهم ومواقفهم منا معروفة ومسجلة وصادرة من أحقاد دفينة ليست بالجديدة.