جاسر عبدالعزيز الجاسر
للعراق تاريخ سياسيّ حافل، لعب أدواره سياسيون بعضهم متميزون وطنيون يفخر العراقيون بهم ويستذكرون مواقفهم بالاحترام والتقدير، وبعضهم الآخر فاسدون وخونة وعملاء يحتقرهم العراقيون ويعفون حتى عن ذكر أسمائهم، وإن ذُكرت فاللعنات تصاحب اللفظ.
نوري المالكي واحد من الفئة الأخيرة، فهو الذي استمرأ التسلط والدكتاتورية، وعمل بإصرار ووقاحة على تعميق الطائفية، وتدمير القضاء العراقي الذي حوَّله إلى أداة لمعاقبة كل من يعارضه سياسياً، بل وحتى الذي لا يشابهه مذهبياً، فشهدت محاكم العراق مسرحيات لا تمت للقضاء بشيء، وتحول القضاء في عهد نوري المالكي إلى (قرقوشات) بمساعدة رئيس مجلس القضاء الذي كان يتلقى التعليمات من المالكي بالهاتف، وضحاياه بالمئات بدءاً بطارق الهاشمي إلى العيساوي وعدد من القادة السياسيين السنة والشيعة، وإن نال شرف الخصومة الأكثر أهل السنة الذين كشفوا المالكي منذ السنة الأولى لحكمه، فقد انتهج أسلوب وضع الملفات الخاصة لخصومه وأصدقائه معاً، من صالح المطلق إلى شاهندر، فمعارضه السياسي المطلق له ملف يسجل به كل التجاوزات، والشاهندر الصديق أيضاً له ملف آخر لرصد كل ما يقوم به، وعندما يعارض أي منهم المالكي معارضة جادة تظهر ما كان موجوداً في الملف فيضطر المعارض إلى الطأطأة أو التنحي، وهو ما حصل للشاهندر الذي فضل الخروج من العملية السياسية أو اللعبة السياسية الجارية في العراق والتي يديرها بمهارة السفارتان الأمريكية والإيرانية، أما المعارض السني صالح المطلق فرضي بالعمل مع المالكي رغم كل ما بينهما من عداء وخصومة، والسر فيما وضعه المالكي من ملفات للسياسيين العراقيين وما يقدم لهم من رشى.
إذ تؤكد المعلومات القادمة من العراق والمصادر المؤكدة أن كل من يعمل مع نوري المالكي تلوثت أياديه بالرشى من هذا الذي يتربع على قمة الفساد في العراق، ورشى المالكي طالت السياسيين والعسكريين ورجال القضاء وشيوخ العشائر، ولهذا فقد أهدرت 360 مليار دولار من أموال العراق صُرفت لشراء ذمم من ساندوا نوري المالكي في سرقاته وتجاوزوا عن أفعاله وجرائمه الطائفية، وتكرر رصد الأموال لإنشاء مشاريع لم يكن لها وجود فتردت الخدمات، فأصبح العراقي يحلم بالكهرباء التي تنقطع يومياً عشرات المرات، ويبحث عن ماء صالح للشرب لا ينقل الأمراض، واجتاحت المستنقعات الشوارع والساحات في أحياء المدن بما فيها بغداد.
في السنوات الثمانية التي حكم فيها نوري المالكي العراق، تراجعت الأوضاع في هذا البلد الغني الذي لم يتعرض للضنك والعوز حتى في أيام الحصار الأمريكي والغربي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، مما جعل العراقيين يترحمون على صدام حسين الذي كان يعمل على تحسين أوضاع العراقيين بغض النظر عن الحرية السياسية والديمقراطية، إلا أن الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتوفر الخدمات كانت تمنح العراقي حياة كريمة. وفي عهد نوري المالكي تفشت الفتنة الطائفية، واتسعت الكراهية المذهبية بسبب انعدام العدالة بين أبناء المجتمع العراقي.
ممارسات نوري المالكي التي أفشت الفساد والطائفية واللصوصية وجعلت الكراهية تتسع بين أبناء الشعب العراقي جعلت نوري المالكي على قمة أسوأ السياسيين الذين وصلوا إلى السلطة في العراق التي مثلما شهدت شخصيات تشرف وتعظم التاريخ العراقي السياسي، أيضاً يتسرب أشخاص تافهون ولصوص وبلا أخلاق من أمثال نوري المالكي.