رمضان جريدي العنزي
المتمردون على الحقائق لا هم يقطرون بالود والورد والوجد، ولا هم بساتين تفاح، ولا حدائق غناء، ولا دوالي عنب، ولا حقول حنطة، ولا عذوبة ماء، ولا بشرى غيمة، ولا لون أو طعم كرز، ولا جديلة طافحة برائحة الحناء، هم وجوه عابسة، نافر بالثالول المتورم، امتلأت رئاتهم بالقطران الأسود، والدخان الرمادي، ورائحة العوادم، تعفروا وتهوروا وتمادوا وبثوا سمومهم في كل مكان حتى صاروا كهوفاً عتيقة لإيواء الخفافيش، وبحيرات آسنة للتماسيح، وغابات للضباع والثعالب والأفاعي والسحالي، لهم طقوسهم ومراسمهم ولغاتهم وخدعهم وطلاسمهم وطوطمهم، موتورون لها أذيال وآذان وقرون شيطانية، تآمرهم مقيت، وأوكارهم خبيثة، ومخالبهم سود، وبرامجهم مميتة، ومخططاتهم مدمرة، تآخوا مع الثعالب ولصوص الليل تحت ظلال أشجار الغرقد، حتى دخلت دورهم كل الثعالب من كل فج عميق، فتوحدوا وتعاضدوا معهم، وارتبطوا في الخفاء بعلاقات سرية مع كل الأفاعي القرعاء والتماسيح الصماء والضفادع الغبية، التصقوا بهم جيداً، وصبوا جام غضبهم على كل أشقائهم العقلاء العرب، ومارسوا ضدهم أبشع صنوف العقاب الجماعي الشامل، وحاولوا أن يبعثروهم ويحرموهم من نعمة الأمن والاستقرار والسلام والأمان، في الوقت الذي تنعم فيه ضباعهم وثعالبهم وتماسيحهم الصديقة بالهدوء والاستقرار وراحة البال، ولا يتسامحوا مع من يفكر بإزعاج هؤلاء الضباع الغادرة والثعالب الماكرة والتماسيح المخادعة، لا ريب أن ما يقوم به هؤلاء المشبوهون يصب في صالح النكرات والعبثيون وخفافيش الليل والرعاع وأصحاب الجهل والتطرف والفكر الطحلبي وأرباب السوابق، ويضمن سعادتهم الدائمة، وتأجيجاً سافراً للفتن الطائفية، وتحولاً إستراتيجياً في تمزيق العرب وبعثرتهم وتشتيتهم وفتح عليهم أبواب الجحيم، ورميهم بأضغاث الكوابيس الثقيلة، لقد حملوا لنا الوقائع المشهودة المتوالية والهائلة من الحقائق الملموسة والأسرار المحبوسة، التي لا يمكننا تجاهلها أو إهمالها، خصوصاً بعدما ظهرت مؤشراتهم في برامج تضليلهم وتطبيلهم، وبانت ملامحهم في سيول الدماء الراعفة بين أخاديد الجبهات القتالية، المتفجرة فوق الأرض العربية الحزينة، لقد تعاظمت أصواتهم المزعجة حتى أنعشت الضغائن القديمة، وأيقظت الفتن النائمة، فبعثوها من جديد، هؤلاء المتمردون نذير شؤم، وصفارات تحذيرية مخيفة تدوي في سمائنا العربية، توحي لنا بوقوع المزيد من المصائب والويلات والنكبات وليالي اظلام الطويل إذا ما تركوا كما هم عليه، إن مخاطر فيروس (كورونا) لن يصل إلى عشر معشار مخاطر فيروس هؤلاء المجانين، فقد زاد جنونهم، توارثوا فيروسات الجنون مرة تلو أخرى، فظهرت عليهم أعراضه بأبشع صوره التعبوية والتآمرية والإعلامية، وكان من الطبيعي أن يواصلوا تمردهم على الأنظمة العربية العاقلة المعتدلة، من خلال برامجهم السمية، وكلامهم المزيف، وخطبهم الرنانة، وتحليلاتهم الخبيثة، التي جندوها لتأجيج الخلافات والفتن والتصادم والتناحر، لقد تخصصوا بإثارة المشاكل وافتعال الأزمات، لم يعد شغل هؤلاء السميين شيء سوى اختلاق الفتن وأحيائها، وهذا هو ديدنهم وشغلهم الشاغل، لهم هوس أزمات لئيم لم تسلم منه حتى البلدان الفقيرة في إفريقيا الوسطى، لقد مات شرف هؤلاء، وتشوّهت سمعتهم وتذبذبت مواقفهم باعتبارهم الشريك الأمثل لأوكار الشر والتضليل والعملاء والجواسيس والخونة، هؤلاء الشؤم يريدون أن يصبحوا رقماً صعباً في الإعلام المجافي للحقيقة، وقطباً رئيساً في ملاعب البهت العالمي، لكنهم اليوم مرشحون للسقوط والانزلاق نحو الهاوية أكثر من أي وقتٍ مضى، ومن المرجح أنهم سيهوون من شاهق متأثرين بتعجيل الجاذبية الأرضية الحتمية التي تنتظرهم، عطفاً على أفعالهم الكاذبة والمجافية للحقيقة والحال والواقع.