رمضان جريدي العنزي
نحن السعوديين لسنا طائفيين، معدننا النقي يظهر في الملمات والمواقف الصعبة، فدائماً نسجل كمواطنين نصراً اجتماعياً ساحقاً لا يقل أهمية عن الانتصارات الحربية وسحق الأعداء، نتصرف بنبل ووطنية وشجاعة، نحن السعوديين قدوتنا رسولنا الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم،
حينما قال: «من استولى على مال الناس فإنما حاز قطعة من النار ..» وأوصى أتباعه بالناس خيراً. حشدنا دائماً رائعاً على كل الأصعدة، ونقدم الانتصار لمن يريد الانتصار، وأملاً لمن يريد الأمل، منذ زمن طويل، نحن نتعايش مع بعضنا البعض وجهاً لوجه، وليس من خلال شاشات الفضائيات المسمومة، ذلك التعايش الذي كسر الحواجز بيننا، فنتكلم مع بعضنا بقلوب واحدة، ونفوس واحدة، وأرواح واحدة، غير مكلومة ولا محطمة ولا بائسة، نهزم الأعداء بتكاتفنا، ونسحرهم بقوة تفاهمنا، ونهيبهم بتلاحمنا، ليكتشفوا بأننا كلنا آخر يشبه الآخر، لا يختلف عنه، ولا يتميز عنه، رغم ما ينسجه الأعداء من أكاذيب وزرع الضغائن، نحن السعوديين لم نكن طائفيين في طبيعتنا، ودليلي على ذلك أنه لم يستطع أحد حتى الآن من مروجي الطائفية، أن يدعو علناً إلى أخلاق طائفية، بل يلجأ هؤلاء دائماً إلى الطرق الملتوية للدعوة المستترة إلى الطائفية، مع الادعاء دائماً بأنه ليس طائفياً! لماذا؟ لأنه يعلم أن السعوديين لا يتقبلون الطائفية، وينبذون أيضاً كل الأفكار القومية والعنصرية والطائفية التي يحاول البعض نشرها ولو خلسة، نحن السعوديين نستسقي مفاهيمنا وأخلاقنا من مبادئ ديننا الإسلامي السمح الحنيف، ولذلك فإننا جميعاً نلعب دوراً هاماً في ردع الطائفية عن النفوس، ونقف بوجهها في اللحظات الحرجة، إن تاريخنا وتراثنا ووطنيتنا ومفاهيمنا نستخدمها كلها للبعد عن الطائفية، لأن عقولنا كسعوديين غير طائفية البتة، ونرفض أن نتصرف وفقها، ونعلن البراءة التامة ممن يرتكبون العنف الطائفي البغيض، ونحاول أن نكشف زيفها وخداعها وهشاشتها وفراغها وفقاعاتها، إن من يحاول القيام بتصميم الطائفية وإخراج مسرحياتها، حتماً سيواجه مقاومة داخلية من شعب رافض لها، وهو ما أكدته الأحداث التي وقعت، لذلك فعلينا نحن السعوديين بكافه أطيافنا ومشاربنا وتوجهاتنا وأقاليمنا ومواقعنا، أن ننشر ونثبت هذه الحقيقة ونثبت للعالم أجمع بأننا لسنا طائفيين ولا عنصريين ولا متوحشين، وإننا بشر لنا عمق وبُعد إنساني عظيم، إن قلوبنا كسعوديين واحدة، تخفق مع بعضها البعض، لتحطم أسطورة الشر التي يحاول أن يبنيها الأعداء عنا، إننا شعب واحد، لنا دين واحد، ومعتقد واحد، وإرادة واحدة، ولن يفلح الأعداء بكل صورهم وأشكالهم وتنوعاتهم أن يمزقونا أو يفرقونا أو يبعثرونا، ولن يزيدونا في نهاية الأمر إلا تلاحماً، إننا كسعوديين وفي المواقف اوطنية الكبيرة لا نلتزم الصمت بشيء تشوبه التأتأة واللعثمة، ولا نمارس الضجيج والصخب، لكننا نعمل وفق اللُحمة الوطنية الواحدة، والصوت الهادئ الواحد، والمفردة البليغة الواحدة، نحن السعوديين نعرف الهلاميين والمندسين لكننا لا نهتم بهم، ولا نكلف أنفسنا بالبحث عنهم بالمسطرة والفرجال ولا حتى بالدربيل، فهم وإن بدا أنهم كثر، لكنهم في الحقيقة أندر من الندرة، ولعل بعضهم أصبح كالكائنات المنقرضة، التي يجب أن يكون مكانها في المتاحف المهملة، إننا كسعوديين لا نعرف الانهزام ولا التيئيس ولا العدمية ولا نخاف الضباع وتطلعنا نحو انبثاق الشمس، نهتم بإشاعة القيم الإسلامية النبيلة، أكثر من اهتمام الآخرين بإشاعة الطائفية والقتل والهدم والتجريف، وصفحاتنا في ذلك بيضاء كبياض الثلج، ولنا برامج وإستراتيجيات لبثّ البعد الإنساني الذي يقبع في أرواحنا، نحن نعرف أن العالم كله يتنادى علينا، وأن أغلبه يناصبنا العداء، وأن معظم المحللين والكتّاب والمعلقين سفكوا حبراً كثيراً ضدنا، لكن عزاءنا أننا نعرف بأنهم ممتلئون حتى النخاع بالحقد والحسد والتّشفي، حتى وإن حاولوا جعل اللص تقياً، أو الأسود أبيض، إن على جميع الأعداء أن يفهموا بأننا كسعوديين نعيش كإخوة، ومصيرنا مشترك، وسفينتنا واحدة، ونقول لهم كفى وألف كفى لمن أراد أن يحقق رغباته ويزيد من حسباته على حسابنا كسعوديين ذوي جسد واحد، لأن صوتنا عال وفيه عدل وحكمة، وليس لدينا أحقاد ماضٍ، ولن يزيدونا بصراخهم وجعجعتهم سوى مزيد من القوة والمنعة والخلود والسؤدد.