أحمد محمد الطويان
العمل الإنساني والخيري والمجتمعي لم نطوره على مستوى الأشخاص، والمؤسسات التجارية الصغيرة والكبيرة وحتى الجهات الحكومية.. المسؤولية الاجتماعية أصبحت أشبه بقسم تسويق في الشركات وتنافس أقسام التسويق في محاولة تحقيق المكاسب.. والأشخاص حصروا العمل الخيري ببناء المساجد ودعم المتسولين، وإهمال الجمعيات الخيرية المرخصة بحجة الرغبة في إيصال الصدقات بمجهود شخصي حتى يتضاعف الأجر..
أما المحسنون الذين يوقفون أملاكهم لوجه الله هم أيضاً يعانون من مشكلة محدودية أوجه الإنفاق والإفادة من الأوقاف، والتجارب الناجحة في هذا الاتجاه قليلة.
لا بد من وقفة نراجع فيها ما ننفقه على العمل الخيري وكيفية هذا الإنفاق، وعلينا إدراك الخطر المتمثل في دعم الجماعات الإرهابية بأموال المحسنين، وهذا وجه من أوجه الخلل في قطاع الأعمال الخيرية والإنسانية، لذلك نحن بحاجة إلى تنظيم يشمل كل أشكال العمل الخيري والإنساني والتطوعي، وهذا القطاع مساحة واسعة سيتحقق فيها ومن خلالها الكثير من الأعمال التي ستؤثر ايجابياً اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً.
ثقافة العطاء الخيري يجب أن تسود وفق رؤية واعية، وأن تكون الشراكة المجتمعية واجبة على كل شركات القطاع الخاص، وكذلك الدوائر الحكومية والوزارات، ولا يكون الإنفاق الخيري محصوراً في مساحة ضيقة، لا نريد من الشركات رعاية مهرجانات وتكون هذه الرعاية تحت بند المسؤولية الاجتماعية، ولسنا بحاجة إلى عشرة مساجد في حي واحد، ينفق عليها ملايين الريالات وتكفي لمئات ولا يكتمل فيها صف واحد! وأيضاً لا يجب أن يكون بيننا محسن متشكك يريد أن يوصل صدقته بيده وتكون في النهاية بيد من لا يستحقها. والأمثلة كثيرة في سلوكيات الإنفاق الخيري الخاطئة لدينا، ونحن أيضاً حوّلنا عمال النظافة إلى متسولين مقنعين، وهم بلا شك يستحقون الشفقة والرأفة، ولكن هؤلاء موظفون في شركات يجب أن تفرض الحكومة عليها الاعتناء بهذه الفئة من العمالة.
بناء العقول وفتح المدارس والمستشفيات بأعلى المواصفات وبعناية فائقة بالجودة، هو الدور الاجتماعي المطلوب من الشركات، والأفراد مطلوب منهم التعامل مع المؤسسات الخيرية المرخصة والمعتمدة، وكذلك الجمعيات المرخصة والمعتمدة المختصة بتحفيظ القرآن. العشوائية وإن قلت عن الأزمنة الماضية إلا أنها ما زالت موجودة في هذا المضمار.. وأعتقد أن الوقت حان لتأسيس مؤسسة عامة لتنظيم العمل الإنساني والاجتماعي، وملفاتها هي: تنظيم الجمعيات الخيرية، تقديم المشورة واعتماد مشروعات المسؤولية الاجتماعية للشركات والقطاع الخاص، وأيضاً المساهمة في جانب تفعيل الشراكة المجتمعية للدوائر الحكومية.
وطالما نتحدث عن شراكة القطاع الخاص، فإن من المناسب التفكير في إعادة تنظيم سابق كان يسمح للشركات بدفع نصف ما يدفع لمصلحة الزكاة والدخل على الأعمال الاجتماعية والخيرية... الأفكار كثيرة والخير كثير في هذه الأرض الطيبة والحمد لله دائماً.