أحمد محمد الطويان
قرر سعوديون أن يغلقوا «تويتر» في وجه الدواعش، لا أن يغلق الموقع الإلكتروني الشهير من أجل المروجين لتنظيم داعش الدموي، كما أثير خلال الأيام القليلة الماضية، وكل من يعتقد بأن داعش تتنفس برئة تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي محق ورأيه صائب وعليه أدلة كثيرة.
تمكن شاب يدعى فارس444 بحسب معرفه في تويتر أن يحقق نجاحاً في حشد الشباب والشابات للتبليغ عن الحسابات الداعشية في تويتر، وهي المواجهة الأولى بين الوعي والتطرف في وسائل التواصل الاجتماعي، وللحملة أبعاد وطنية مهمة، في توضيح حقيقة التنظيم، وتذكير السعوديين بجرائم المتطرفين ودمويتهم. السعودية على رأس قائمة الدول التي اكتوت بنيران الإرهاب، ويستشعر السعوديون ربما أكثر من غيرهم الخطر الإرهابي، والباحثون السعوديون هم الأكثر معرفة وتبحراً في شؤون الجماعات المتطرفة، والظواهر الداعشية إن صح التعبير لم يتعامل معها بجدية أي مجتمع بذات الجدية والاهتمام السعودي.
ولا تتألم داعش من الضربات الجوية بقدر ألمها من الضربات الإعلامية، فالإعلام سلاح داعش ودرعها، وتريد الاستفادة منه بالقدر الأكبر، وذلك بخلق الرعب وإشعار السعوديين والخليجيين أن وجودهم في بلادهم تماماً مثل قوة وجودهم في أماكن التوتر، وأن داعش «المتعملقة بالدعاية الإعلامية» ليست قوة وهمية، بل حقيقة ماثلة، لذا عملت بكل جهد لخلق حالة رعب، برسائل مباشرة وغير مباشرة للمجتمعات.
لا شيء يصيب الداعشيين بالإحباط مثل تسخيفهم وتهميشهم، واستعمال ذات أسلحتهم لقتل «تعملقهم» الزائف، وكشف حقيقتهم وتعريتهم، وهذا ما يقوم به شباب سعوديون مميزون بالإعلام الكلاسيكي والإعلام الجديد، وربما من الأمثلة برنامج «بوليتيكا» على إذاعة mbc fm وأيضاً مجهودات التويتريين الذين يديرون معركة إغلاق الحسابات الداعية للتطرف، ومجهودات أخرى تبذل بوطنية وإخلاص بدون مقابل.
داعش ليست فقط كائن عصابي خلقته الدعاية، هي أيضاً مكونة من مجموعة أدوات القاسم المشترك بينها الجهل والحماسة والانحراف الفكري والفهم المشوه، هي نبته تسقيها خطب المؤلبين وأموال الداعمين، وهي أيضاً نواة لما لا يحمد عقباه، لذا لا شيء يستفز أفراد هذا التنظيم مثل الوعي، والوعي في مجتمعنا بالتحديد له أدوات، وتلك الأدوات لا تجد الفرصة والمساحة لتعمل وتتحرك في إطار واجبها المجتمعي.
نحن جميعاً شركاء في الحرب على الإرهاب، والإرادة السياسية موجودة، والمطلوب الآن هو الإرادة الاجتماعية وهي موجودة ولكنها موجهة التوجيه السليم لتعطي نتائج ملموسة، الإعلام سلاح حاسم في معركتنا مع الإرهاب ومع هذا التنظيم بالذات، والجميع يجب أن يمارسوا أدوارهم بكل جدية لإنقاذ العقول قبل أي شيء آخر... لنجعل العقل يفكر، قبل أن يتحول صاحبه إلى جسد يفجر!