رمضان جريدي العنزي
في زمن الكآبة والإحباط والرداءة، في زمن الضمائر الوطنية الميتة، في زمن الأرواح التائهة، في زمن تفسخ الانتماء الوطني عند بعض الأفراد والأحزاب والجماعات الماثلة، في زمن اعتبار الخيانة الوطنية مجرد رشفة ماء، أو قضمة خبز، أو لعبة عابرة، اجتاح وطننا إرهاب دموي ومعنوي بشع فاسد ومقيت،
أن مسألة الخيانة الوطنية بكل معانيها وأشكالها ومضامينها وتفاصيلها، ليست شيئًا هينًا أو بسيطًا أو عابرًا، فالمواطن الشريف الصالح لا يخون وطنه بسهولة، ولا يصبح أو يمسي بوطنه خائناَ كافرًا، ولا ينزلق إلى مستنقعات الأعداء الذين يريدون له الفشل والنكوص والتراجع، ولا يعيش في البيئات والمناخات اللا صحية التي تجلب له السقم والوباء، ولا يصافح أو يحاور أو يتودد أو يمارس الذل والخنوع والرضوخ والطاعة للأعداء، إن الخيانة الوطنية عمل رديء وكريه وبغيض، يلجأ لها بعض الأفراد والمجاميع الفاشلين والمستبدين والمنافقين وأصحاب الهوى، يمارسون أدوارهم الدنيئة، ويلعبون على حبل طويل من التناقضات التي تستوطن دواخلهم المليئة بالشر والغش والفساد، إن الخونة يثيرون بأعمالهم العبثية القرف، وحالتهم تدعو للأسف، يعيشون مثل دابة تجتر العلف، يحترفون الجريمة، ويجيدون لعبة الدم، ويقفون على جثث ضحاياهم مجردين من الدين والضمير والإنسانية، عملاء بامتياز، فلا أصالة عندهم، وماؤهم الوطني تبخر وجف، جلهم يدعي الدين والإنسانية ومحاربة الفساد، لكنهم بعيدون عن الدين والإنسانية وغارقون في وحل الفساد، نصبوا أنفسهم مخلصين ومنقذين للناس، رافعين شعارات المساواة والحرية والبناء الكاذبة، وهم الذين يحاولون جر الناس نحو التيه والتشرد والدروب الضائعة، فاشيون، لهم عبقرية في القتل والسحل والإبادة والإحراق، مصابون بأفتك العاهات، ويعانون من أحلك الحالات، عجزت عن تشخيص حالاتهم أفخم المصحات، وفشلت في تحليل دمائهم أمهر المختبرات، هم أكثر فتكًا من الطفيليات، وأخطر وقعًا من الفيروسات، والجراثيم والجسيمات، فلا تنفع معهم المسكنات والمهدئات والمضادات، لكونهم أعتى وأخطر من الميكروبات، حمقى يجيدون بامتياز فعل الحماقات، ويتباهون بفعل المنكرات، لا يتعلمون الإصغاء، ولا يستمعون للنصح والإسداء، يعانون من السقم والداء، وبينهم انتشر الوباء، المليء بالكذب والنفاق والرياء، أغبياء، سفاكون للدماء، صفحاتهم سوداء، يحاولون أن يكونوا عظماء، ويحلمون أن يكونوا نبلاء، وأن يخلدوا مع العظماء، وأن يتلوا بهم ويشيد الشعراء، وما عرفوا بأنهم ضراء وظلام وبلاء، هم للتفرق علامة، لهم وجوه مكفهرة وصرامة، لا يجيدون المزح ولا الابتسامة، ولا يفقهون الاعتدال والوسطية والاستقامة، أفكارهم هدامة، وأعمالهم في البشاعة لها قامة، وسيرون ما عملوا من سوء يوم القيامة، خططوا ونفذومن سنين طويلة أعمال البشاعة، لقد أثاروا العنف والشغب، وابتلى بهم الإسلام والعجم والعرب، وصبوا على العالم أجمع جام الحقد والغضب، مواقفهم ليست ثابتة، تتغير وتنقلب، هم رهن الإشارة والطلب، ليس لهم رؤية ولا هدف، من بئر العمالة يغرفون، ومن قاع النذالة يرشفون، وفي قعر السفالة يدلفون، فلا عجب أن غضوا الطرف عن الأخلاق والقيم والشرف، ولا عجب أن يستمر عندهم الصلف.