أمل بنت فهد
كيف للخطأ أن يخيفك إذا علمت أن كل الناس تخطئ.. فيهم من يرى أخطاءه شرفا ودليلا قاطعا على أنه ما استكان لرأي الآخرين.. إنما حاول وجرب بنفسه ووصل لحقيقة ما يناسبه وما لا يناسبه.. ومستعد لدفع ضريبة التجربة الذاتية.. ولم يتبرأ مما قدمت يداه وأخرت.. وفيهم من يخفي عثراته عن العيون وعن نفسه.. بالإنكار وتعليق التهم على مشجب قريب وحتى وبعيد.. لماذا؟ لأنه لا يستطيع أن يرى من فلسفة الخطأ إلا العار والنقص.. من قال إن الأخطاء دليل الفشل أو قلة الحيلة عليه أن لا يفعل شيئاً.. ولا يختار.. ولا يتحرك.. لينتظر الموت وينتهي دوره في الحياة.. ذاك الدور الذي لم يره أحد.. ولم يستمتع هو بأي زلزال يمكنه أن يغير مكانه.
كم «لا» سكتَ عنها.. كان من الممكن أن تقلب حياتك وتغيرك.. والأهم لماذا لم تعلنها صريحة.. من أجل من؟ وأي «نعم» قطعت طريقك وسلبت من عمرك فرصاً عديدة كانت تنتظرك في منعطف ما.. لا يفصلك عنه إلا أن تكمل طريقك.. لكنك وقفت قبله وقبلت المكوث في مكان لا تنتمي له.. ولا تشعر به.. ويعيد السؤال نفسه.. من أجل من قلت نعم؟
تبدو أغلب الأغلال التي تقيد رغبات الإنسان عاطفية.. وليست منطقية أو عقلانية.. لأنها لو كانت كذلك لكان في مكان آخر ومع أشخاص مختلفين.. من يجرؤ على ترك الأمكنة التي فقد فيها نفسه؟ وكم من الوقت ينتظر.. بل ماذا ينتظر؟
لن تجمع خسائرك وتفتح للندم أبواباً.. لأنها مضيعة وقت من أجل اللا شيء.. فأحقر منظر حين تجد فيه الإنسان بكل قدراته وقوته.. يلعق جراحه ويبكي عثراته.. ويحرق مع ماضيه الكثير من حاضره.. من أجل من؟
الخطأ كالموت تماماً.. لا تعرف متى يصادفك.. كأنما يدفعك للفعل وليس الانتظار.. ليأتي وأنت تفعل ما تريده وتشتهيه نفسك.. وليس ما فرضه عليك الآخرون أو ظروفك.. فما أسخف أن تعرف أن الحياة ستنقضي ووقتك ينفد.. وأنت باقٍ في ذات الجحيم الذي يوجعك.. ومع شخص لا تريده.. وفي عمل لا تطيقه.. وتحت قوانين لست مقتنع بها.. في حين هناك أماكن مختلفة.. وآخرون يناسبونك.. ووظيفة مختلفة.. لكنك مستسلم للجبن من أجلهم.. وليس من أجلك.
ستموت.. وتنتهي.. قريباً أو بعيداً.. لذا اكسر قيدك.. وفي أدنى أحوال الشجاعة لا تمت مقيداً بائساً.