أمل بنت فهد
إن لم يكن اعتلاء المناصب لخدمة الناس وضبط الكوادر العاملة وإداراتها لزيادة الإنتاج وتجويده.. فهي ذريعة للاستعباد وممارسة الأمراض النفسية.. فلا أسوأ من منح المنصب لمغرور أو مريض عظمة.. كأنما يأخذ ساحته بسيادة القانون وتحت حمايته.. ولا أبشع من مسؤول يفقد أعصابه وهيبته ويدخل مرحلة الغضب ليكون مهرجاً سامجاً.. خصوصاً مع جمهور العملاء والمراجعين والمستفيدين من خدمات منشأته.. هنا تصريح بصوت عالٍ بالفشل والعجز وقلة الحيلة.. وما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعية من مواقف المدير الغاضب الذي يظن أن الكرسي «حلال أبوه» ويترك العنان للسانه ولغة جسده لتحكي عن فقر القيادة وخفة العقل.. في دولة نذرت لمواطنيها العهود والوعود لخدمة شعبها.. والارتقاء بهم مستعينة بمن قال أنا لها.. وأخذ المنصب على وعد بأن يتحمل الأمانة.. ويفرش الرحمة والحكمة والخدمة على دروب المواطنين دون تعالٍ أو تهاون أو استخفاف.. لا أدري كيف لها أن تدخل تحت مسمى الابتزاز كما وصفها الدكتور محمد العريفي في تغريدته «يدخل على موظف مضغوط بعمله، فيستثيره ليغضب ويصور ذلك، لابتزازه..
لتحكم:
راجع تعامل الموظف عموماً مع الناس، لا تحكم بموقف واحد».
هل غابت عنا «عبس وتولى»؟.. سورة أنزلت من سابع سماء تعاتب نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام.. في إشارة واضحة أن مهمة العمل بلطف ولين ومهنية لا تستثني أحداً.. ولا وضعاً نفسياً.. ولا ضغط عمل ولا رفاهية.. إنما هي حق للجميع.. للضعيف قبل القوي.. فالقوي محمي بسلطانه مالاً كان أم مكانة اجتماعية.. حتى لا تخضع المعاملة لمزاجية ولا محسوبية.
للمناصب ثمن وضريبة.. وأخلاق ومعايير عالية.. وما الضير أن يوثق الضعيف تجاوزات المسئول وتقصيره؟ وكيف لها أن تكون ابتزازاً بدلاً من أن تعامل معاملة مكافحة الفساد!
وبرغم كثرة تعريفات الابتزاز إلا أنها اجتمعت على أنه أخذ ما ليس حقاً بالإكراه والتهديد بفضح الأسرار.. فهل التعامل غير الحضاري سر شخصي!.. أم سقطة مهنية وأخلاقية تقدح في الوطنية بكل وضوح.. وتقول بصراحة أن المسئول ليس أهلاً لمكانه.. والحكم على الشخص ليس بكثرة مواقفه في ساعات الهدوء.. إنما في لحظات الغضب.. تلك اللحظة المتفجرة والمحطمة لكل الأقنعة.. كما وصفها رضا ديب عواضة :»أضر الساعات وأخطرها ساعة الغضب.. لأنها عمياء.. ولأنها بلا عقارب ولا أقارب».