عبد الله باخشوين
صحيح أن بوتن ابن الـ(كي جي بي) المخابرات السوفياتية.. وأنه قبل أن يصل إلى الحكم باستدعاء من يلتسن كان قد قضى نحو عشر سنوات متجولاً في أوروبا كرجل مخابرات سوفياتية كان خلالها عسكرياً سرياً يجيد ألعاب الكارتيه كأحد أبطالها.. لكنه عقل مفكر أيضاً.. فهو أحد أبرز المؤمنين بـ (الاتحاد السوفياتي) لكن ليس كفكر ماركسي بل كقوة مهمة وضرورية كمعادل موضوعي وقوي لكل قوى الغرب الأمريكي الأوروبي.
لذا أراد بناء قوة رأسمالية معادلة للغرب وليست بالضرورة معادية له.. ذلك أنه سليل هذة القوة المعادلة التي كان الغرب يحسب لها ألف حساب.. ويريد تفكيكها بأية طريقة ممكنه. غير أن بوتن كان في حاجة إلى حلفاء.. وزبائن فكانت سوريا حليفاً.. وأصبحت إيران أفضل زبون.
صحيح أنه لاتوجد مقارنه بين مستوى التكنولوجيا لكن روسيا وصلت لتحقيق نفس الهدف الذي تقول به التكنولوجيا الحديثة.. مع فارق في المادة (الخام).. فعمدت روسيا لمحاولة بيع ما لديها من تكنولوجيا.. لحلفاء جدد على أساس تبادل المصالح وأصبحت مواقف روسيا من منطقة الشرق الأوسط تقوم على محاولة إيجاد ثوابت جديدة.. وفق أسس جديدة.. تريد أن تقول من خلالها أنها حليف يمكن الوثوق به.. هذه الثوابت والأسس هي قوة ومتانة المصالح المشتركة التي لا تقبل الاهتزاز في مختلف تقلبات أهواء السياسة الدولية واضعة نصب عينيها أن السياسة الأمريكية حتى في أحلافها الإستراتجية مع كثير من الدول ومنها العربية.. تقوم على مصالح وطموحات حزبين متناحرين - جمهوري - ديمقراطي.. وفق رؤية كل الحزبين تتداخل المصالح مع محاولة إملاء توجهات (ما) خاصة من جانب الحزب الجمهوري الذي يريد أن يتولى إدارة الشرق الأوسط حسب شروطه التي قد تتناقض مع مصالح حلفاءة.. دون أن ينظر لذلك بعين الاعتبار.. وذلك بمنطقة لفهم القوة.. وبأعلائة لأهدافه السياسية التي يوحي أنه لايوجد بديلاً لها.. ولا أمل لأحد دون الرضوخ لها.
لكن بوتن نقض أطروحات الحزب الجمهوري الأمريكي.. بسعيه لأن تكون مصالح شركاءة الحيوية غير قابلة للرضوخ لمقاييس الحزب الجمهوري وأهدافة.. وذلك دون أن يجعل روسيا بلد له أطماع سياسية ذات توجهات تتناقض مع مصالح المجتمع الدولي.. أو ذات إملاءات على حلفائها بما يناقض مصالحهم.
من هنا تأتي أهمية الزيارة الأخيرة لولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.. والتي نزعم أنها خطوة أساسية وهامة.. بأتجاة قيام مصالح اقتصادية متنوعة وقوية تكفل للمملكة البقاء كقوة اقتصادية وسياسية ذات استقلالية تخدم مصالحها العليا بعيداً عن التقلبات التي تشهدها المنطقة.
إن المملكة تبني مستقبلاً يقوم على تبني ذلك الشعار الهام الذي رفعة جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمة الله- والذي يؤكد على أن المصالح الاقتصادية القوية الثنائية والمشتركة بين الدول هي عامل هام في استقرارها وقوتها.