عبد الله باخشوين
بات معروفاً أن عمل جهاز الاستخبارات الأمريكية والبريطانية أيضاً.. يكاد يكون مستقلاً عن عمل الحكومة.. فلا الرئيس ولا (الكونغرس) أو مجلس العموم ورئاسة الوزراء.. تعرف عن تفاصيله ومحاور عملياته أي شيء.. إلا تلك التي تطلبها منه الحكومة.. أما بقية نشاطات الاستخبارات فهي محصورة داخل الجهاز.. وتصل للحكومة تقارير عن الأعمال الناجحة لتقوم هي بدورها باستثمار هذا النجاح، غير أن هناك عمليات تضطر الحكومة للتحدث عنها كأنها تعرف كل شيء.. وذلك عندما تحدث فضائح إفشاء سر من الأسرار كإعلان ألمانيا عن كشف التنصت على الهواتف.. والتدخل يتم حتى يتلافى المسؤول إحداث أي شرخ في العلاقة السياسية والدبلوماسية القائمة بين الدولتين على الثقة والصراحة.. أو في حال نشر نوع من الاتهامات التي تشير للتدخل في شأن دولة من الدول وذلك لمنع حدوث أي أضرار بالمصالح والعلاقات.
لكن طبعاً عمل هذا الجهاز الحساس والخطير ليس عشوائياً ولا تتدخل فيه المصالح الشخصية.. بل إنه دخول من الأبواب والنوافذ الخلفية وفتح أبواب أخرى إن أمكن.. لتنفيذ السياسة العليا لهذه الدول وبناء محاور جديدة لها بتجاوز شكليات الدبلوماسية وتجاوز قنوات الشد والجذب التي تقوم عليها المناورات السياسية والوصول لتحقيق الأهداف العليا بأكبر المكاسب الممكنة.. ودون أي خسائر تهز الموقع المتميز الذي تحظى به الدولة بين دول العالم.
هذا بالنسبة للدول المتقدمة.. غير أن معظم دول العالم لديها أجهزة مشابهة.. وكلٌ حسب إمكاناته وقدراته في البر والبحر والجو وفي الأوساط الاجتماعية والعسكرية التي يفتح قنوات معها.
لكن لا أحد يستطيع أن يجزم بأن هذه الأجهزة تعمل بضمير حتى لتحقيق المصالح العليا لبلدانها، بعيداً عن المصالح الخاصة التي قد تصل لرسم مشاريع مستقلة في الأهداف والطموحات، لأننا أصبحنا نجد أن الأصابع تعمل وتحرّك كثيراً من الأحداث في سوريا والعراق وليبيا وغيرها.. وهذه الأصابع التي تعمل في الخفاء.. تسعى لأن تكون فاعلة ومؤثرة.. بعد أن تفككت هذه الدول.. ففي غياب الدولة القوية تتصاعد نبرة الأحلام والطموحات الشخصية سعياً وراء تحقيق أهداف لا يمكن أن تتحقق إلا بالمغامرة، ولو كانت هذه المغامرة ضد مصلحة البلاد.. أو أنها ستلقي بها في الهاوية ليتلقفها كل طامع في خيراتها ومكاسبها.
ونحن وكثير من الدول العربية في معزل عن هذا ولله الحمد، لأن ليس من سياسة بلدنا التدخل في شؤون الآخرين لا في السر ولا حتى في العلن.. لكنها بقوة من الله قادرة على كسر شوكة كل من يفكر في التعدي على نفوذها ومصالحها.. وقادرة على وأد كل أحلام المغامرين والمقامرين.
لكن في ضوء الأحداث الغريبة التي تعصف بالمنطقة نجد أن (فلول) رؤوس وكوادر الاستخبارات في دولة مثل العراق، هي التي تحرك وجود داعش من مكان لمكان.. ومثل هذا يحدث في سوريا منذ لحظة عبور مرتزقة داعش للحدود التركية حتى وصولهم إلى المقار التي تعاقدوا على العمل فيها.
أما حكاية بيع داعش للبترول العراقي عبر سوريا.. وطريقة تسليمه وقبض ثمنه وهوية الناقلات التي تقوم بشحنه.. فهذه حكاية أخرى لها العجب.