عبد الله باخشوين
.. بعد أن اعتمدت كثير من أجهزة الاستخبارات العربية الثورية أسلوب التسجيلات الجنسية لفئات كثيرة من رجال بارزين في مجتمعاتهم، غني عن القول إن منهم رجال دين أدعياء.. وساسة ومثقفون كبار.. ورجال أعمال.. وغيرهم من الفئات المؤثرة في حياة الناس.. أصبحت تلك التسجيلات بمثابة ((وثائق)) ليست للإدانة ولكن للتهديد.. بإظهارها للعلن في حال عدم تنفيذ الأوامر والتعليمات التي تصل من أصحاب القرار في التحكم بمثل هذه التسجيلات وغالباً ما تكون ((الأوامر)) كنوع من التسهيلات وتجاوز الأنظمة والقوانين.
إلا أن الأمر لم يكن يخلو من تبديل المواقف والآراء ودعوات الإصلاح والدعاية المكرسة لدعم شخص أو أشخاص أو حزب أو تيار على حساب الفئات الأخرى ذات النفوذ القوى.
وكثيراً ما رأينا وقرأنا ما يوحي ويؤكد تغير هذا الموقف أو ذاك من نفس دعاته السابقين.. وهذا يتم بناءً على إشارة من هنا أو هناك.
هذا ((المشروع)) الجنسي الفضائحي.. تم منذ نهاية الثمانينات التي شهدت تحولات جوهرية في مجال الفكر السياسي.. وصعود فكر التطرف الديني الذي صاحبته دعوات لدعاة متطرفين في أطروحاتهم.. ودعوات للجهاد وتنظيم ((المجاهدين)) لإرسالهم للجهات الراعية التي تستثمرهم للقتل وزعزعة استقرار مجتمعاتهم.
وأخطر ما في التسجيلات الجنسية.. هو خروجها من المجتمعات العربية التي يعتبر مواطنوها.. هم الأكثر تحفظاً بين المجتمعات الدولية.. لأنها سليلة قيم تاريخية ودينية وأخلاقية متجذرة لا تقبل أي اهتزاز.. خاصة وأن مثل هذه التسجيلات لم تكن خارجة من غرف النوم الشرعية.. بل انها نتاج انحرافات أخلاقية لكثير من ضعاف النفوس والمنحرفين والشواذ الذين لا يراعون شيئاً من حرمات الله الا في الظاهر.. بينما - بقليل من الإغراء - يمكن ان يقوموا بأبشع الأعمال.. ليس بممارسة ما حرم الله فقط لكن للإساءة لزوجاتهم وأبنائهم والمجتمع الذي أعلى من قدرهم وشأنهم.
طبعاً مثل هؤلاء لم تصل بهم صحوة الضمير الى محاولة اتخاذ ردود فعل إيجابية. لأن خشية الفضيحة حالت دونهم واللجوء الى المتنفذين وأصحاب القرار.. لشرح طبيعة ((الخطأ)) الذي وقعوا فيه وأصبحوا تحت رحمة من لا يخاف الله ولا يتقيه..
حيث كان الأولى بهم ان يعودوا لرشدهم ويقفوا بين يدي أصحاب القرار ليشرحوا لهم ما هم فيه ويتركوا لهم حرية العمل على كشف من هم خلف تلك الأعمال المشينة.. مع وعد بضمان سرية كل شيء وكأنه لم يكن.
أما من قام بتلك الأعمال من أجهزة المخابرات.. فهم يتسترون وراء إيهام الآخرين بأنهم يعملون للمصلحة العليا للوطن وأن عملهم تم بأوامر عليا.. في الوقت الذي تصل فيه تعليماتهم للمغرر بهم ضد المصلحة العليا لأوطانهم ولقادتها ورجالها.
وما على المغرر به سوى الرضوخ والتنفيذ دون أن يجرؤ على السؤال دون ان يجد من يسأله.. ودون ان يجد من يحميه ودون ان يجد من يستر فضيحته سوى ذلك ((الجزار)) الذي تولى مهمة ذبحه من الوريد للوريد، بعد ان تلى عليه وعلى من هو مثله اسم الشيطان الرجيم.