لا انكشاف للبنوك السعودية على أزمة اليونان.. وأسعار النفط لن تؤثر على برامج التنمية ">
الجزيرة - محمد السلامة:
أكد لـ«الجزيرة» محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد المبارك، عدم وجود انكشاف على اليونان بأي حال من الأحوال من قبل المؤسسة أو البنوك المحلية، موضحاً أن اليونان منذ فترة طويلة جداً لديها معدلات تصنيف ائتمانية متدنية وهي تعد أقل من الحد الأدنى الذي يسمح بموجبه للمؤسسة أو البنوك بالاستثمار فيها، وبالتالي لا يوجد أي تأثير مباشر لأزمة اليونان -حاليا- أو في المستقبل على القطاع المالي في المملكة أو على استثمارات «ساما».
جاء ذلك ردا على سؤال لـ«الجزيرة» عن مدى تأثير تداعيات أزمة ديون منطقة اليورو وأحداث اليونان على اقتصاد المملكة واستثمارات المؤسسة، خلال مؤتمر صحافي عقدته «ساما» أمس في الرياض، بمناسبة صدور التقريرين السنويين الـ50 و51 للمؤسسة، إلى جانب صدور تقرير الاستقرار المالي الأول. ويعكس النمو الذي حدث في الموجودات الأجنبية لـ«ساما» (الاحتياطيات الحكومية في الخارج) خلال الفترات الماضية، على الرغم من أنها تتزامن مع تطورات اقتصادية عالمية، تدني المخاطر في الاستثمارات التي تختارها مؤسسة النقد.
وهنا، أكد المبارك أن مستويات عوائدها على الاستثمارات الخارجية التي تديرها المؤسسة مرضية وجيدة وتنافس مثيلاتها من البنوك المركزية الأخرى، مرجعا عدم إفصاح «ساما» عن مستوى هذه العوائد إلى أن الاستثمارات الخارجية استثمارات طويلة الأجل، وقد تكون عرضة للتذبذب في أي عام.
وحول العجز المتوقع في ميزانية المملكة هذا العام، توقع المبارك زيادة حجم العجز في الميزانية المعلنة لهذا العام المالي 2015 والبالغ 145 مليار ريال نتيجة بعض المصاريف الإضافية التي طرأت عليها، مبيناً أن تمويل سد العجز سيكون -حسب توجيهات وزارة المالية- عن طريق السحب من الاحتياطي الحكومي أو الاقتراض الداخلي من خلال طرح سندات تنموية حكومية، كاشفا في هذا الصدد عن إصدار «ساما» خلال الشهرين الماضيين أول شريحة من هذه السندات بالعملة المحلية بقيمة 15 مليار ريال، أي الاقتراض من المؤسسات المالية المحلية، متوقعاً أن يتم طرح المزيد من سندات التنمية الحكومية خلال النصف الثاني من العام الجاري لسد العجز.
وفيما يتعلق بانخفاض أسعار النفط وانعكاس تداعياتها على المملكة، جدد المبارك التأكيد على أن المملكة تستطيع مواجهة أي تداعيات لانخفاض أسعار النفط من خلال الاحتياطيات لديها والقدرة الاقتراضية لمواصلة ميزانية حكومية مناسبة لمواكبة الاقتصاد والتنمية التي تحتاج إليها البلاد، أي دون التأثير على البرامج التنموية وهذه سياسة وزارة المالية، مشيرا إلى أن المملكة انتهجت مبدأ تكوين الاحتياطات في أوقات زيادة أسعار النفط، إلى جانب أنها قامت بدفع الديون المستحقة عليها كافة، متوقعاً أن تزيد هذا العام.
وأوضح المبارك أن معدل التضخم في المملكة حاليا جيد ومتفق مع نمو الناتج المحلي، كذلك يتناسب بشكل جيد مع حجم اقتصاد المملكة، مشيراً إلى أن «ساما» لا تستهدف أن يكون معدل التضخم بالسالب أو بالصفر وإنما أن يكون وفق المعدلات العالمية، مستدلاً على ذلك بدعم الدول الأوروبية واليابان بالدفع بمعدلات التضخم للوصول إلى 2%، موضحاً أنها جاءت نتيجة قوة الريال، وانخفاض الأسعار حول العالم، لافتا في الوقت ذاته إلى وجود انخفاض في معدلات التضخم في قطاع الإسكان في الأشهر الأخيرة، وهذا أمر إيجابي بالنسبة لهذا القطاع المهم.
وفيما يتعلق بقطاع التأمين، لفت المبارك إلى أن المؤسسة قامت بوضع دراسة لتشخيص قطاع التأمين ومعرفة جودته، مشيراً إلى أن «ساما» وجدت الكثير من الشركات تعاني من الخسائر، على إثره قامت المؤسسة بوضع ضوابط لعمليات الإصلاح، إضافة إلى الرغبة في توسيع حجم قطاع التأمين التي لا تمثل سوى 1.2% من حجم الاقتصاد المحلي، مقارنة بـ7% في دول أخرى. وأرجع عدم وصول قطاع التأمين للمستوى المطلوب من حيث مساهمته في الناتج المحلي إلى عوامل عدة، أبرزها عدم وجود ثقافة التأمين لدى المجتمع وأهميته كعنصر أساسي لإدارة المخاطر الشخصية للأفراد أو الشركات في الحياة، مبينا سعي المؤسسة مع القطاع المصرفي والتأمين -حاليا- لرفع مستوى الثقافة المالية لدى المتعاملين من أفراد ومنشآت مع المؤسسات المالية والتأمينية لأن ذلك سيكون وعي وفهم وقدرة على اختيار الأدوات المالية المناسبة. وعن أي إجراءات ستتخذ لتعزيز وتطوير واستقرار سوق التأمين، أشار المبارك إلى أن هناك أربعة قرارات أصدرها الحكومة -مؤخراً- ستسهم في زيادة التأمين والشرائح المستهدفة، أبرزها الموافقة على إلزامية التأمين على المرافق العامة مثل الفنادق وصالات الأفراح والأسواق والمستشفيات، والتأمين على السيارات الحكومية، والتأمين على الأجانب القادمين للمملكة بتأشيرات زيارة.
وأبان المبارك أن المؤسسة خلال الفترة الماضية قامت بالعمل على وضع إستراتيجية كاملة لأعمال المؤسسة لتحقيق أهدافها والمتمثلة بالحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، حماية واستقرار ومتانة النظام المالي، توسيع وتعميق القطاع المالي وضمان دعم القطاع لنمو الاقتصاد المستدام، والمساهمة في التنمية الاقتصادية ورفع مستوى الرخاء في المملكة، مبيناً أن إعدادها استغرق عاملاً كاملاً لخروجها بالشكل المطلوب، بما يحقق رؤية القيادة الرشيدة، حيث قدم نائب المحافظ عبدالعزيز بن صالح الفريح عرضاً مختصراً عن إستراتيجية المؤسسة.
واستعرض محافظ مؤسسة النقد في المؤتمر الصحفي تطورات الاقتصاد السعودي إضافة إلى التطورات في القطاعات التي تشرف عليها المؤسسة والمتمثلة في القطاع المصرفي والتأمين والتمويل، إضافة إلى نظم المدفوعات.
وأشار إلى أن الاقتصاد السعودي واصل نموه خلال 2014 بمعدل أقل من العام السابق، مستفيداً من ارتفاع أسعار النفط في النصف الأول من العام والنشاط القوي والمتواصل في القطاع الخاص واستمرار الإنفاق الحكومي، ولم يتأثر الاقتصاد السعودي بتقلبات الأسواق المالية العالمية.
وأبان المبارك أن المؤشرات المالية والاقتصادية المتاحة كافة تشير إلى استمرار الأداء الجيد للاقتصاد السعودي خلال 2014، وذلك بفضل من الله ثم مواصلة الإنفاق العام السخي على المشروعات التنموية طويلة المدى، والارتقاء بدور القطاع الخاص، إضافةً إلى جهود الحكومة لإزالة معوقات الاستثمار التي يتم مراجعتها بشكل دوري. كما أوضح أن البيانات الأولية تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.5 في المائة خلال عام 2014 مقارنة بمتوسط نمو سنوي بلغ 5.7 في المائة للفترة (2010-2013م). ولفت إلى أن القطاع النفطي سجل معدل نمو حقيقي بلغ 1.5 في المائة خلال 2014، مقارنة بمتوسط نمو سنوي بلغ 3.9 في المائة للفترة (2010-2013م)، كما حقق القطاع غير النفطي معدل نمو حقيقي بلغ 5.0 في المائة خلال 2014، مقارنة بمتوسط نمو سنوي بلغ 7.2 في المائة للفترة (2010-2013م).
فيما سجل القطاع الخاص في عام 2014 معدل نمو حقيقي بلغ 5.6 في المائة، مقارنة بمتوسط نمو سنوي بلغ 7.6 في المائة للفترة (2010-2013م)، وحقق القطاع الحكومي معدل نمو حقيقي بلغ 3.7 في المائة خلال 2014، مقارنة بمتوسط نمو سنوي بلغ 6.6 في المائة للفترة (2010-2013م).
وأبان المبارك، أن مستويات الأسعار ارتفعت خلال 2014، حيث سجّل الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لجميع السكان (2007=100) ارتفاعاً نسبته 2.7 في المائة مقارنة بالعام السابق، كما سجل الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لجميع السكان ارتفاعا نسبته 2.1 في المائة خلال شهر مايو من 2015 مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، ويعزى ذلك إلى ارتفاع أسعار مجموعة الترويح والثقافة بنسبة 6.9 في المائة، تليها مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 3.2 في المائة، ثم مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 3.1 في المائة، فمجموعة تأثيث وتجهيزات المنزل وصيانتها بنسبة 3.0 في المائة، ومجموعة الأغذية والمشروبات بنسبة 1.4 في المائة.
وأضاف أن الرقم القياسي لأسعار الجملة (1988=100) خلال عام 2014 سجل ارتفاعاً سنوياً نسبته 0.6 في المائة، وانخفضت الإيرادات الحكومية الفعلية بنحو 9.7 في المائة خلال عام 2014 مقارنة بالعام السابق لتبلغ نحو 1044.4 مليار ريال، كما زادت المصروفات الحكومية الفعلية بنحو 13.7 في المائة مقارنةً بالعام السابق لتبلغ 1109.9 مليار ريال، فيما بلغ العجز الفعلي في المالية العامة في 2014 نحو 65.5 مليار ريال مُقارنةً بفائض بلغ 180.3 مليار ريال خلال العام السابق. كما أفاد بأن نسبة الدين العام انخفضت إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي من 2.2 في المائة في نهاية عام 2013 إلى 1.6 في المائة في نهاية 2014، ويعزى ذلك إلى تراجع حجم الدين العام من 60.1 مليار ريال نهاية عام 2013 إلى نحو 44.3 مليار ريال في نهاية 2014 وكذلك ارتفاع الناتج المحلي الاسمي بنسبة 1.1 في المائة خلال العام.
وبالنسبة للقطاع الخارجي، أشار المبارك إلى أن الحساب الجاري سجل فائضاً مقداره 288.4 مليار ريال في 2014 مقارنةً بفائض مقداره 507.4 مليار ريال في العام السابق، بانخفاض نسبته 43.2 في المائة (219.5 مليار ريال)، وبذلك شكل فائض الحساب الجاري في 2014 ما نسبته 10.3 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.
وأوضح أن عرض النقود بتعريفه الواسع (ن3) ارتفع بنسبة 11.9 في المائة ليصل إلى 1729.4 مليار ريال بنهاية عام 2014 مُقَارنةً بارتفاع نسبته 10.9 في المائة في العام السابق، كما سجّل عرض النقود بنهاية شهر مايو من عام 2015 ارتفاعاً سنوياً نسبته 10.4 في المائة.
وقال المبارك خلال المؤتمر الصحفي «أظهر المركز المالي الموحد للمصارف التجارية متانة وقوة القطاع المصرفي وتوسعه في تقديم الخدمات المالية والمصرفية للعملاء، فقد نما إجمالي موجودات ومطلوبات المصارف التجارية خلال 2014 بنسبة 12.6 في المائة ليصل إلى نحو 2132.6 مليار ريال، وسجل في نهاية شهر مايو من 2015 ارتفاعاً سنوياً نسبته 8.3 في المائة مقارنةً بنفس الشهر من العام السابق».
وبيّن أن إجمالي مطلوبات المصارف التجارية من القطاع الخاص خلال 2014 ارتفع بنسبة 11.8 في المائة ليصل إلى نحو 1256.2 مليار ريال، كما ارتفع بنسبة 9.5 في المائة بنهاية شهر مايو من 2015 مقارنةً بنفس الشهر من العام السابق.
وأردف قائلا «بتحليل النمو في نشاط أنظمة المدفوعات والتسويات خلال 2014، فقد ارتفع عدد أجهزة الصرف الآلي (ATMs) العاملة في المملكة بنسبة 11.8 في المائة ليصل إلى 15516 جهازاً، كما ارتفع عدد أجهزة الصرف الآلي بنهاية شهر مايو من 2015 بنسبة 12.0 في المائة مقارنةً بنفس الشهر من العام السابق لتبلغ 16312 جهازاً، وارتفع عدد بطاقات السحب الآلي المصدرة خلال 2014 بنسبة 15.4 في المائة ليصل إلى نحو 20.5 مليون بطاقة، كما انخفض عدد البطاقات المصدرة انخفاضاً طفيفاً بنهاية شهر مايو من عام 2015 بنسبة 0.02 في المائة مقارنةً بنفس الشهر من العام السابق لتبلغ 19.358 مليون بطاقة».
وتابع «ارتفع حجم السحوبات النقدية بواسطة مكائن الصرف الآلي بنسبة 9.7 في المائة خلال 2014 لتبلغ نحو 722 مليار ريال، كما ارتفع حجم السحوبات خلال الخمسة أشهر الأولى من 2015 بنسبة 14.3 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتبلغ نحو 329.8 مليار ريال، فيما ارتفع عدد الأجهزة الطرفية لنقاط البيع بنسبة 28.8 في المائة خلال 2014 مقارنة بالعام السابق لتبلغ 138.779 جهازاً، وكذلك ارتفع عدد الأجهزة الطرفية بنهاية شهر مايو من 2015 بنسبة 40.9 في المائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي لتبلغ 167.418 جهازاً».
وتحدث محافظ «ساما» خلال المؤتمر عن أهم أدوات السياسة النقدية المتبعة خلال العام الماضي، مفيدا بأن المؤسسة أبقت على معدل عائد اتفاقيات إعادة الشراء Repo Rate دون تغيير عند مستوى 2.0 في المائة، مع الإبقاء على معدل عائد اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس Reverse Repo Rate عند 0.25 في المائة، كما أبقت على نسبة الاحتياطي القانوني Cash Reserve Ratio على الودائع تحت الطلب عند 7.0 في المائة وعلى الودائع الزمنية والادخارية عند 4.0 في المائة, عادّا المستويات الحالية لأسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي القانوني ملائمة للوضع الاقتصادي العام ولوضع السيولة في القطاع المصرفي. كما أكد أن سعر صرف الريال مقابل الدولار استقر عند سعره الرسمي 3.75 ريال في نهاية العام، وانخفضت أسعار الفائدة على الودائع بين المصارف المحلية لمدة ثلاثة أشهر SIBOR عند 0.77 في المائة بنهاية شهر مايو من عام 2015، مقارنة بنسبة 0.95 في المائة خلال نفس الشهر من العام السابق.