ناصر الصِرامي
قبل أعوام مديدة كتبت في جريدة الرياض، وحينها كان المبدع العزيز ناصر القصبي مع زميل المرحلة الفنان عبد الله السدحان يقدم حلقات استثنائية من طاش ما طاش على القناة الأولى للتلفزيون السعودي.. كتبت في ظل ذاك الهجوم المبكر والمطالبة بمنع حلقاته من العرض، وقلت حينها إن المسلسل حتى وإن مُنع، فإنَّ الفضاء اتسع، ويمكن لهم حينه أن يكونوا في قناة بعيدة عن الرقابة المباشرة واللصيقة، وأعطيت مثلا بالشو تايم، حينها قبل أن تندمج وشبكة أوربت لاحقا بالاسم الجديد OSN، لكن إم بي سي MBC الأقرب رفعت السقف بشكل لافت وشجاع، وخطفت المسلسل الشعبي الأول محليا وعربيا، وسخّرت له مساحات أكبر من الحرية في الطرح، والتقدم الفني.
وسنة بعد سنة غيّر وبدّل في المسلسل حتى وصل إلى حالة الإشباع. وقبل ذلك كان القطبان المؤسسان ناصر وعبد الله السدحان قد انفصلا.
إلا أن ناصر ظل العلامة الأبرز، مدعوما بوعي ذاتي وفني وثقافي أيضاً، وقبول جماهيري رائع، انتهي طاش لكن بقي ناصر يحاول بجد وجهد الخروج والتنوع والمبادرة، نجح أحيانا وحقق نجاحا أقل في تحديات أخرى.
عاد الآن بـ(سيلفي)، ليصور المجتمع بشكل عام، سيلفي عام مكبّر لقضايانا وقصصنا، حياتنا الاجتماعية في الداخل بكل امتداداتها الخارجية أيضاً، بسخرية مؤلمة وموجعة أيضاً، لنتذكر أن رفيق الفكرة والثقافة الزميل الكاتب إبداعا (خلف الحربي)، دائما حاضر بين السطور وعناوين الحلقات، منذ ذلك الوقت إلى اليوم.. شراكة سخرتها المحطة الفضائية الأبرز محليا وعربيا، لدفع الدراما لتكون حراكاً لحرية التعبير الأشمل والأوسع في محيطنا، في ظل غياب السينما والمسرح وقمع الفنون..!
شبكات التواصل الاجتماعي كانت التحدي، بل كانت ساحة السخرية والتندر على الشاشات العملاقة التي عجزت عن منافسة اليوتيوب مثلا.. والعاجزة عن الوصول للجمهور الجديد.
سلفي عاد الآن ليضع حداً للغياب، ليقول إن الشاشات الكبيرة بكل موثوقيتها قادرة على الضرب في العمق وجذب الجماهير لشكلها وسقفها الجديد.
الطريف أن من كانوا يبشرون بموت الإعلام التقليدي وتواضع تأثيره أمام الإعلام الجديد لم يعجبهم هذه النقلة، لأنهم أصلا لا يريدون إعلاما ناقدا بقدر ما يريدون إعلاما ناقلا، بنفس طريقة الوعظ والتلقين!
سلفي ليس امتداداً لطاش، لكنه بالتأكيد امتداد لفكر حي متطور يمثله في هذه اللقطة ناصر القصبي وخلف الحربي.. كان ذلك ظاهرا في حوارهما مع الزميلة سارة الدندراوي، في برنامجها الرمضاني اليومي على شاشة العربية (تفاعلكم)، ونحن نتابع حب وغيرة وطنية خلف فكر جميل، ونحاول في النهاية أن نأخذ سيلفي للذكريات والابتسامات الموجعة.. ونترقب من الفنان الشاب القادم الذي سيقفز إلى المراتب الأولى في الشجاعة الفنية.. ليكون في مرحلة تالية «خلفاً» لناصر القصبي مستقبلا..؟!