د. محمد بن يحيى الفال
قبل أيام مضت حاولت شرذمة من قوات الحرس الجمهوري التابعة لعصابة صالح اختراق الحدود الدولية في جبهتي نجران وجازان، في خطوة أراد بها الثعلب صالح أن تكون ورقة تضمن له موقفاً تفاوضياً لصالحه مع إعلان الأمم المتحدة عن موعد لمؤتمر يجمع الأطراف اليمنية في جنيف في الرابع عشر من شهر يونيو الجاري.
كان نتيجة هذه العملية تدميراً كاملاً لمن تجرأ على ترابنا الوطني، وسوف يكون هو حال كل من تسول له نفسه أن يكرر مثل هذه المحاولات اليائسة، والتي هي بالعُرف العسكري ليست إلا كمحاولة الفريق المهزوم في لعبة كرة القدم الذي يحاول تسجيل تعادل بهدف في الدقيقة الأخيرة من المباراة التي هزم فيها بعدد من الأهداف يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. وتزامن مع المحاولة اليائسة في نجران وجازان، إطلاق صاروخ باليستي من نوع سكود باتجاه مدينة خميس مشيط والذي تصدت له بنجاح بطاريات صورايخ باتريوت المضادة للصواريخ البالستية. ولم يكن خبر تصدي دفاعاتنا الجوية لصاروخ سكود خبراً يمر كخبر عادي من دون تسليط الضوء عليه وإعطاءه حقه من القراءة المعمقة والتي يستحقها، والذي يثبت لكل متربص بأن القوات العسكرية السعودية تملك المقدرة الفنية والمهنية لمواجهة كافة المخاطر والتهديدات التي قد يتعرض لها ترابنا الوطني، ومنها المقدرة للتصدي لخطر الصواريخ البالستية والتي تعد من الأسلحة المتقدمة التي تواجه الكثير من جيوش العالم صعوبة للتصدي لها، حيث إن هناك العديد من العوامل التقنية التي يجب حسابها في وقت قصير جداً يكون حاسماً في إنجاح عملية تدمير الصاروخ البالستي، منها على سبيل المثال لحظة إطلاقه والتي يكتشفها الرادار وسرعته وتغيرات اتجاهه بسبب الجاذبية الأرضية والعوامل الجوية المتغيرة باستمرار. ببراعة ومهنية ودقة استطاعت قواتنا المسلحة التصدي لصاروخ سكود الذي أطلقته عصابة الحوثي التي تعني ترجمتها باللغة العربية( الوطني)، وهي صواريخ أمريكية(PATRIOT) بطاريات الصنع تنتجها شركة ريثيون الأمريكية المتخصصة في إنتاج منظومات الدفاع الجوي في مصنعها بمدينة أندوفر بولاية ماساشوتيش، وهي بطاريات لم تزود بها الولايات المتحدة الأمريكية سوى عدد محدود من الدول من خارج دول حلف الأطلسي. وبتتبع تاريخ استخدام هذه الصواريخ نجد بأن سجل قواتنا المسلحة في استخدام صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ البالستية هو السجل الأنصع على المستوي الدولي، بنجاح بلغ 97% خلال عملية عاصفة الصحراء في حرب الخليج الأولي في التسعينيات من القرن المنصرم، وبالنجاح الذي رأيناه في التصدي الأخير لصاروخ سكود الموجه لخميس مشيط.
ولا نرى إتقان قواتنا المسلحة في استخدامات الأسلحة الحديثة ينصب في إتقان استخدامات صواريخ باتريوت المعترضة للصواريخ البالستية، بل نراه جلياً في مقدرتها لاستخدام كافة أنواع الأسلحة منها على سبيل المثال طائرات التايفون( الإعصار)، والتي تعد من أحدث واعقد الطائرات الحربية في العالم، وكذلك الطائرات الحوامة المضادة للدروع من طراز أباتشي، وغير ذلك من كافة أحدث أنواع الأسلحة التي تستخدمها قواتنا البرية والبحرية. ستبقي قواتنا العسكرية بكافة أفرعها درعاً حصيناً تتكسر عليه أحلام المتربصين من الأعداء أينما كانوا، وشعب مُلتف بكل طوائفه ومناطقه حول قيادته وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي أرسل رسالة للعالم أجمعه بأن المملكة لن تسمح أبداً أن تهدد أراضيها من قبل كائن من كان، وإنها سوف تقطع يد من يجرؤ على العدوان على ترابنا الوطني، ومع هذه الرسالة التي لا غبار عليها، فيد المملكة ممتدة للسلم لكل من يجنح إليه، إيمانا منه بأن المملكة العربية السعودية، أرض الحرمين الشريفين تؤمن بُعرى الأخوة الإسلامية التي ترفض العدوان وتؤمن بأهمية استقرار المنطقة بعيداً عن التدخلات الخارجية الشريرة في الإقليم والذين لم ير الشعب اليمني منهم سوى ويلات الخراب والتشرذم بين أبناء البلد الواحد.
أخيراً، رسالة فخر واعتزاز مشفوعة بكل التقدير والامتنان لكافة أفراد قواتنا المسلحة بكل أفرعها على جبهات الشرف والكرامة، وفي كل مكان من ترابنا الوطني، فتضحياتهم ستبقى خالدة في ذاكرتنا، والرحمة والغفران لشهدائنا الأبطال الذين روّوا بدمائهم تراب بلادنا الطاهرة، وتُذكر تضحياتهم بقول المتنبي في أحد قصائده الرائعة:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يُراق إلى جوانبه الدم
الوجه أزهر والفؤاد مُشيع
والرمح أسمر والحُسام مُصمم
أفعال من تلد الكرام كريمة
وفِعال من تلد الأعاجم أعجم