د. محمد بن يحيى الفال
لم تكن محاولة تقويض السلم الاجتماعي في المملكة من خلال تفجيرات القديح والدمام مفاجأة، فدولة الملالي المتخمة حقداً لن يهدأ له بال حتى تنفذ خططها الشيطانية ضد المملكة وشعبها، مدفوعة بحقد دفين متراكم، جدده حقد غارق في السوداوية من جهود المملكة وأشقائها في التحالف العربي لإعادة السلم والأمن لليمن وأهلها من خلال عملية عاصفة الحزم والتي تبعتها عملية إعادة الأمل والتي مازالت مستمرة حتى تحقق أهدافها بعودة الشرعية لربوع اليمن.
لكن المفاجأة هي أن من نفذ التفجيرات الإرهابية لم يكونوا سوى ممن كنا نحسبهم من أبنائنا، الذين باعوا أنفسهم رخيصة لخوارج عصرنا والذين نرى صورتهم واضحة كل الوضوح في تنظيم ما يسمي بالدولة الإسلامية للعراق والشام. داعش التي عاثت فساداً في أرض المسلمين في العراق وسوريا، فقتلوا وفجروا وروعوا العباد وعاثوا في الأرض فساداً، خيلت لهم عقولهم المريضة بأن المملكة ممكن استهدافها بمخططاتهم الإجرامية والتي لا يمكن وصفها إلا بالشيطانية. مخططات لم تستثن حتى بيوت الله في أيام الجمع، في مشهد يوضح مدى الانحطاط الذي وصلت إليه عقولهم المريضة.
لعل الأمر المدهش، أنه في تفجيري مسجد الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه ومسجد العنود في الدمام نرى ارتباطا لا تخطئه المؤشرات على الأرض في التعاون بين دولة الملالي ودولة التنظيم والمتمثل في المادة المستخدمة في تفجير القديح وربما في تفجير الدمام، الشديدة الانفجار وهي نفس المادة التي تم ضبط كمية منها مهربة (وهي مادة آر.دي.أكسRDX)
عبر جسر الملك فهد الرابط بين المملكة والبحرين. الحقائق أيضاً تؤكد بأن دولة الملالي من الدول التي تستخدم هذه المادة في أنشطتها الإرهابية، فالتفجير الذي استهدف موكب رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري وأدي لاستشهاده في الرابع عشر من فبراير عام 2005، استخدمت فيه مادة آر. دي. أكس، والتي تُشير الدلائل لتورط النظام السوري وحزب الله في تنفيذه بتوجيه من ملالي إيران. والدليل الأكثر وضوحاً على تورط دولة الملالي في استخدام مادة آر.دي.أكس نراه في حادثة وقعت في كينيا في شهر يوليو من العام 2012، حيث اعتقلت السلطات الكينية شخصين من الجنسية الإيرانية وبحوزتهم ما يقارب خمسة عشر كيلو من مادة آر.دي.أكس، شديدة الإنفجار، وكشفت التحقيقات الكينية بأن الهدف من حيازتهم للمادة هو القيام بعمليات إرهابية في المملكة العربية السعودية. كل الدلائل تُشير بأن الإرهاب لا دين ولا مذهب له، فلسفته وأيدلوجيته واحدة هو إزهاق الأرواح البريئة وإشاعة الفوضى وتقويض السلم الاجتماعي بين مكونات الوطن الواحد. تنظيم دولة الملالي وتنظيم داعش بكل الاختلاف الأيدلوجي والمذهبي الظاهر على السطح، فهما في المحصلة النهائية يتفقان في الرؤى والمنهج عندما تتلاقي مصالحهما. ونجد هذا التوافق واضحاً منذ بداية عملية عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل، فملالي إيران يرغبون في نفث سموهم الحاقدة ضد المملكة وشعبها بتقويض عملية إعادة الأمل انتقاما لحلفائهم الحوثيين، الذين وقفت المملكة ومعها المجتمع الدولي ضد مطامعهم للاستيلاء على السلطة في اليمن بقوة السلاح والاستقواء بملالي إيران ضد شعبهم وولائهم لوطنهم. وداعش هدفها كما هو ديدنها أينما وجدت هو إشاعة الفوضي، فهم يرون قوتهم ونصرهم عندما تحل الفوضى وتنهار المجتمعات، هم فوضويون تعشش في رؤوسهم رغبات القتل وسفك الدماء.
الغريب أيضا في ما يخص تفجير الدمام، هو ما جاء في الخطاب الناري الأخير للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله ، حيث أوضح قائلاً بأننا سوف نحارب في كل مكان، ليستدرك بصورة توضح بأنه يرسل رسالة مشفرة قائلاً، سوف نحارب في كل مكان في سوريا.
يخطط ملالي إيران وأذنابهم، وتخطط داعش بعقول سيطر عليها الشر، ويمكرون مُكر الليل والنهار، ولكن سترتد خططهم الشريرة عليهم، فقيادة وشعب المملكة أثبتت التجربة تلو الأخرى قوة تماسكه ووحدته وعدم إعطاء الفرص لكائن من كان أن يقوض السلم والإخاء الاجتماعي بين كل مكوناته ومذاهبه. وستبقي المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين الشريفين واحة آمنة في محيط تتخطفه النزاعات والصراعات ولن تستطيع قوى الشر والإرهاب أن تنال منها، هذه القوي الشريرة التي لم ترعي حُرمة بيوت الله، لن تستطيع مهما حاولت أن تفرض أجندتها الشريرة على شعب يفخر بقيادته ويبذل الغالي والنفيس من أجل تراب وطنه الطاهر والذي شرفه المولى جلت قدرته بأن يكون منطلق لآخر رسالته للبشرية، بدين الإسلام، دين المحبة والسلام، الدين الذي شدد على عصمة النفس البشرية، وبأن من قتلها بغير وجه حق فكأنما قتل الناس جميعاً، وبأن من أحياها كمن أحيا الناس جميعأ.