نهاية يونيو سترسم ملامح مهمة عن واقع النفط عالمياً.. والسوق تمر بإعادة هيكلة ">
الجزيرة – نواف المتعب:
في ظل التكهنات التي تظهر بين الحين والآخر حول مسار النفط وأسعاره، تعالت الأصوات حول دور أوبك في تقديم إجابات شافية لواقع السوق ومستقبله خصوصا على المدى القريبن، ويتأمل المراقبون شفافية أكبر تجيب عن قضايا مختلفة تتصدرها قضية هبوط الأسعار وسقف الإنتاج. أكد خبراء نفط لـ«الجزيرة» أن نهاية شهر يونيو الجاري والتي ستضح خلالها الرؤية حول مصير الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني. وقال الخبير النفطي الدكتور أنس الحجي استعرض لـ«الجزيرة»: تمر السوق الآن بمرحلة إعادة هيكلة نتيجة توقع استقرار الأسعار بين60و80 دولار للبرميل لعدة سنوات. فالدول النفطية تعيد النظر في موازناتها واحتياجاتها بناء على موازنات متحفظة، بينما تقوم الشركات، خاصة الأمريكية بتخفيض التكاليف. وكان واضحا من اجتماع أوبك الأخير أن العراق وإيران قررتا عدم مواجهة دول الخليج في موضوع تخفيض الإنتاج ورفع الأسعار وذلك بسبب الزيادة الكبيرة المتوقعة في إنتاج النفط العراقي خلال الشهور القلية القادمة نتيجة استثمارات الشركات الأجنبية في السنوات الأخيرة، واحتمال زيادة صادرات إيران بشكل ملحوظ خلال الشهور المقبلة إذا تم توقيع اتفاقية مع إيران بشان برنامجها النووي. مضيفاً بأن استهلاك النفط في ازدياد، ففي الولايات المتحدة نجد أن زيادة استهلاك البنزين في الشهور الأخيرة هي الأعلى منذ بداية السبعينيات.
أما أوروبا فتشهد أول زيادة كبيرة في استهلاك النفط منذ عدة سنوات، مما يدل على أن اقتصادات هذه الدول بدأت بالتعافي. ونوه الحجي بأن أكبر المؤثرات على أسواق النفط خلال الأسبوعين القادمين هو الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي المزمع توقيعه نهاية يونيو الجاري، والذي يعني في النهاية رفع الحظر على صادرات النفط الإيرانية. وتستطيع إيران العودة إلى إنتاج وصادرات ماقبل الحظر خلال 12-16شهرا، وهذا يعني زيادة المعروض العالمي بحوالي مليون برميل يوميا إذا لم تقم دول الخليج بتخفيض الإنتاج لاستيعاب الزيادة الإيرانية، الأمر الذي سيمنع أسعار النفط من الارتفاع، رغم الزيادة الكبيرة في الطلب. أما إذا فشل الاتفاق أو تم تأخيره بشكل مفاجئ لعدة شهور فإن أسعار النفط الفورية والمستقبلية سترتفع بشكل مفاجئ أيضا, وذلك لأن الأسعار الحالية تتضمن توقعات بأن توقيع الاتفاقية مجرد تحصيل حاصل وذلك للرغبة الشديدة لكل من حكومة أوباما وحكومة روحاني في توقيع المعاهدة رغم معارضة حلفاء الولايات المتحدة الإسرائيليين والعرب، ورغم معارضة الجناح المتشدد في إيران.
السعودية هي المنتج المسيطر
واستطرد قائلاً: تشير البيانات إلى أن المؤثر الأكبر في أسعار النفط في أشهر الصيف هو الاستهلاك المحلي للدول المنتجة، خاصة دول الخليج والمغرب العربي، وكلما اشتدت حرارة الصيف، ارتفعت أسعار النفط أكثر. علما بأن تحويل النفط الخام إلى التكرير في المصافي المحلية بهدف التصدير لايؤثر على توازن الأسواق لأن هذه الكمية ستصدر سواءا نفطا خاما أو مكرراً. وحول المدى المتوسط والبعيد أوضح الحجي أن الأمر بشكل عام مربوط بإنتاج السعودية، هل ستقوم في وقت ما بتخفيض الإنتاج أم أنها ستستمر في إنتاجها؟ وإذا استمرت ما مستوى انخفاض الإنتاج في أوبك وخارجها نتيجة الأسعار المنخفضة؟ وإذا قررت السعودية تخفيض الإنتاج، هل القرار جيولوجي تقني أم اقتصادي؟ بعبارة أخرى، هل التخفيض «إجباري» ام «اختياري»؟ مضيفاً أن الأمر الذي لاشك فيه أن السعودية هي المنتج المسيطر في أسواق النفط العالمية وبناء على المعطيات الحالية فإنها تستطيع السيطرة على أسواق النفط في العامين الحالي والقادم، إلا أنها قد تفقد السيطرة على أسواق النفط بعد ذلك، ليس بسبب زيادة إنتاج النفط الأمريكي كما يدعي البعض، وإنما بسبب عدم مواءمة نمو العرض لنمو الطلب على النفط. ويرى الحجي أن تكاليف الحفر وإكمال الآبار في الولايات المتحدة انخفضت بحوالي 25 % في الشهور الأخيرة. هذا الانخفاض قلل من ضغوط تراجع أسعار النفط على الشركات الأمريكية، وشجعها على الاستمرار في مشاريعها، إلا أن التخفيض سيستمر إذا استمرت الأسعار المنخفضة، وقد يلغى تماما إذا ارتفعت الأسعار. بعبارة أخرى، إذا كان ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى ارتفاع التكاليف وانخفاض إنتاجية الآبار، فإن الأسعار الحالية ستساعد صناعة النفط الأمريكية على جعل التخفيض دائما وستتحسن ربحية شركات النفط الأمريكية مع مرور الزمن.
انحدار الأسعار ربما لاقعر له
من جهته قال المختص بشؤون النفط والطاقة ليون برخو بأن الهبوط المفاجئ لأسعار النفط مرعليه الآن أكثر من سنة، فالهبوط كان حادا وسريعا ومخيفا أيضا لاسيما للدول المصدرة للنفط. واتفق غالبية المحللين ومراكز الأبحاث أن انحدار الأسعار ربما لا قعر له وأن زمن الأسعار المرتفعة ولى دون رجعة وتنبأ البعض لا بل تصرف مع التقهقر هذا وكأنه أمر واقع سيدوم سنين طويلة. وأضاف: إن أخذنا أدنى سعر للنفط (وهو اقترابه من 40 دولارا للبرميل) معيارا في هذه الفترة العصيبة للمنتجين لرأينا أن الأسعار قد زادت بـ40 % ، وبالطبع لكل زيادة وانخفاض في سعر أي مادة له أسبابه ومسبباته. البعض يعزو انهيار أسواق النفط إلى الاضطرابات والحروب في الشرق الأوسط وكأن المنطقة كانت خالية منها في السابق. وآخرون يقولون إن سبب ارتفاع الأسعار يعود لزيادة الطلب في الصين أو أن الأمريكيين يستهلكون كميات أكبر من النفط خصوصا البنزين مستفيدين من هبوط الأسعار.
مضيفاً بأن هناك مؤشرات كثيرة تدل على أن الارتفاع من المستبعد الحفاظ عليه فهناك أسباب ولكن أهمها هو أن الانخفاض الكبير لم يؤثر كثيرا على جهود الشركات الغربية في تطوير تكنولوجيتها لاستثمار الاحتياطات الهائلة في كندا أو أمريكا أو غيرها من الأماكن لزيادة إنتاج النفط الصخري والنفط الرملي. وأشار السيد ليون في حديثه إلى نقطة أخرى وهي التقارب العراقي - الإيراني من منظار اقتصادي نفطي بحت، فهذا التقارب قد يقود لمنافسة كبيرة في التصدير. وحول السؤال المتكرر عن مستقبل أسعار النفط؟ أوضح ليون بأن هذا هو السؤال المحير ولكن جوابه قد لا يكون من الصعوبة بمكان على كل المهتمين لاسيما المنتجين الذين يشكل النفط الدعامة الأساسية لاقتصادهم أن يراقبوا عن كثب ما يحدث في الصين حيث معدلات الاستهلاك في ازدياد. أيضاً الدولة التي يجب عليهم عدم إخراجها عن نطاق نظهم هي الولايات المتحدة الأمريكية. هناك يُقرر سعر النفط ومصيره لاسيما الشرق الأوسط منه فمعدلات صادرات مشتقات النفط الأمريكية في ارتفاع مستمر وسريع.منوهاً بأن القوانين الأمريكية تحظر حتى الآن تصدير النفط الخام ويقابله الآن محاولات المستثمرين في البحث عن ثغرات حول هذا الحظر وبالتالي لا نعلم ماذا سيحدث لو أن أمريكا ترفع الحظر عن تصدير النفط فالبعض يرى بصعود وزيادة فورية في المعروض النفطي في الأسواق العالمية.