سمر المقرن
تابعت ما نشرته «الجزيرة» يوم الأحد الفائت تحت عنوان: «انحسار نسبة الأميّة بين الذكور السعوديين إلى 3.75% والإناث 9.92%» أتى هذا التصريح على لسان وكيل وزارة التعليم عبدالرحمن البراك، مقارنًا هذه النسبة بعام 1392هـ حيث كانت 60%. وليكون الحديث صريحًا فإن المقارنة بين هذا الوقت وبين قبل ما يقارب الـ44 عامًا سيجد أن النسبة ليست بعيدة عن الصحة، إنما في رأيي الشخصي فإن انحسار نسبة الأمية هو بسبب أن الأميين في ذلك الزمان قد توفاهم الله ورحلوا إلى الدار الآخرة وليس بسبب أنهم تعلموا في فصول محو الأمية وصاروا يقرؤون ويكتبون. ولنكن واقعيين فإن برامج محو الأمية من ذلك الزمان الذي قارن فيه وكيل وزارة التعليم لم تتغير إلى اليوم، مع أن الزمن تغير والحياة تغيرت إلا أن هذه البرامج منذ بدأت لم تتغير إلى يومنا هذا، لذا فإن أكبر نسبة تسرب من الفصول الدراسية نجدها في محو الأمية، وأغلب من التحقوا بتلك الفصول تخرجوا من الابتدائية وهم لا يعرفون إلا القليل من القراءة والكتابة، لذا فإن هذا الأمر يعتبر أكبر محفز للإحباط وأهم عوامل التسرب من فصول محو الأمية.
حتى لو نظرنا إلى جانب المحفز المادي، فإن مكافآت خريجي محو الأمية أظنها لم ترتفع منذ بداية تدشين هذا البرنامج قبل أكثر من أربعين عامًا، وقد سمعنا عن نيّة وزارة التعليم زيادة هذه المكافأة وما زال بعض المسؤولين يصرحون للصحافة عن نية الوزارة رفعها، لكنها إلى اليوم لم تزد!
برامج محو الأمية ينبغي أن تبدأ من الوقاية، والوقوف على أسباب التسرب من التعليم بشكل عام، ومن فصول محو الأمية بشكل خاص، وإعادة تشكيل مناهج محو الأمية بما يضمن إيجاد عوامل الجذب للتعليم.
الأمية هي أهم عوائق التنمية التي تسعى إلى النهوض بالمجتمع والرقي بأفكاره، لذا فإن التركيز على نوعية التعليم ووضع أهداف للمخرجات الفكرية والمهنية للمستفيدين منه، يعتبر من أهم أساليب الوقاية من الأمية، سواء أمية القراءة والكتابة أو أمية الفكر، الذي يفترض أن يبدأ من مراحل تعليم ما قبل المرحلة الابتدائية والتي تعيش حالة فوضى في مدارسنا وخصوصًا الخاصة منها، حيث أننا وإلى اليوم لم نستشعر أهمية هذه المرحلة لذا ليست بإلزامية، مع العلم أنها مرحلة بناء الإنسان كما ذكر كثير من علماء التربية، ومرحلة مهمة لو وضع لها برامج دقيقة مع إلزاميتها فإنها ستغير كثيرًا في مستقبل فكر المجتمع السعودي.
بشكل عام، وحتى لا أكون قاسية على وزارة التعليم، فإننا مجتمع يعتبر ناشئا تعليميًا، لكن هذا لا يعفي الوزارة من وضع خطط وأهداف يمكن تطبيقها مع وضع مرحلة زمنية لها تراجع ما تم تحصيلة وما لم يتم، وأن تتجاوز هذه الخطط المرحلة الإنشائية والبقاء خلف التصريحات الإعلامية الرنانة التي لا تقدم ولا تؤخر!