د. عبدالرحمن محمد السلطان
تعقد منظمة أوبك اجتماعها العادي يوم الجمعة وسط توقعات محدودة جدا حول ما يمكن أن يتمخض عنه هذا الاجتماع فيما يخص أسعار النفط الخام، حيث يتوقع أن تعلن أوبك استمرارها في تنفيذ استراتيجيتها الحالية الرافضة للدفاع عن أسعار النفط من خلال تخفيض إنتاج أعضائها، والذي يؤكده بيانات إنتاج دول المنظمة التي تظهر نمواً في حجم إنتاج أعضائها، بحيث وصل إنتاج دول المنظمة في الشهر الماضي لأعلى معدل له منذ عامين ونصف بوصوله إلى 31.22 مليون برميل يوميا، حيث ارتفاع إنتاج المملكة على سبيل المثال من 9.64 مليون برميل يوميا في شهر فبراير الماضي إلى 10.3 مليون برميل يوميا في شهر أبريل وهو أعلى معدل له في خمس سنوات.
التراجع المستمر في عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة يظهر أن تراجع أسعار النفط قد أثرت على عمليات إنتاج النفط في الولايات المتحدة بشكل قوي، ولابد أن هذا التأثير سينعكس في تراجع في معدلات إنتاج الولايات المتحدة خلال الأشهر القادمة، لكنه لا يتوقع أن ينعكس أيضا بارتفاع قوي في أسعار النفط الخام في ضوء تزايد الإنتاج في مناطق أخرى في العالم خاصة دول الشرق الأوسط وروسيا.
ولكي نفهم الموقف الحالي لأوبك فمن المهم الإشارة إلى أنه تاريخياً كان أعضاء منظمة أوبك ينقسمون إلى صقور وحمائم، فالصقور أعضاء أوبك الذين ينادون بتخفيض الإنتاج بهدف تحقيق رفع الأسعار دون اعتبار لتأثيرات ذلك على مستقبل الأسعار في السوق العالمية، والحمائم دول تفضل استقرار الأسعار حتى لا يتسبب ارتفاع الأسعار في تراجع الطلب وانهيارها مستقبلا، بالتالي كانت دول أوبك تمتلك هدفاً واحداً لكن تختلف رؤى أعضائها حول أفضل السبل إلى تحقيقه.
أما الآن فإن أوبك منقسمة ليس إلى صقور وحمائم وإنما إلى دول لا تملك احتياطيات مالية كافية وتعاني ماليا من تراجع أسعار النفط بشكل كبير ولا تستطيع تحمل الأسعار الحالية لفترة طويلة ويأتي على رأسها إيران وفينزويلا ونيجريا، ودول تملك احتياطيات مالية كافية تجعلها قادرة على تحمل تراجع إيراداتها النفطية لفترة أطول ولا تمانع من بقاء أسعار النفط منخفضة لبعض الوقت في سبيل تحقيق أهداف اقتصادية وسياسية طويلة الأمد وتتمثل هذه المجموعة في دول مجلس التعاون الخليجي الأعضاء في أوبك.
بالتالي إن كانت أوبك تعاني في السابق من تباين بين أعضائها في تحديد السياسة المثلى لخدمة أعضائها كمجموعة، أي أنها كانت تملك هدفاً مشتركاً لكنها تختلف حول الوسيلة المثلى لتحقيقه، فإن أوبك تعاني حالياً من تباينٌ واضح في مصالح أعضائها، ما يجعلها مجموعة غير متجانسة وبالتالي غير قادرة على اتخاذ أي قرار يمكن أن يحدث تأثيراً حقيقياً على مجريات أسواق النفط العالمية، أي أنها لا تستطيع القيام بدورها التاريخي المتمثل بدور المنتج المتمم الذي يؤمن حاجة السوق بما يحافظ على أسعار النفط عند مستوى معين من خلال تحديد حصص إنتاجية لأعضائها يضمن ذلك.
وفي ضوء هذا الواقع فإنه ليس هناك أي إمكانية لأن ينتج عن اجتماع المنظمة هذا الأسبوع أي قرار يؤثر إيجابياً على السوق النفطية وستكتفي المنظمة بالإبقاء على سياستها الحالية المتمثلة في ترك الحرية لأعضائها في اتخاذ قراراتهم الإنتاجية وفق ما يرونه مناسباً لهم دون اهتمام بتأثير تلك القرارات على مستويات الأسعار وتوازن السوق النفطية.