الرياض - الجزيرة:
أظهرت مقارنة نمو أسعار المنازل حول العالم على موقع صندوق النقد الدولي (Global Housing Watch)، مع مثيلتها في المملكة بموجب بيانات وزارة العدل خلال النصف الأول من عام 2014 مع النصف الأول من عام 2013، أن نمو أسعار المنازل في المملكة هو الأعلى على مستوى العالم، حيث وصل معدل الارتفاع السنوي إلى 16.44 في المائة كأعلى معدل نمو في الأسعار، واجتهد الخبراء والعقاريون والمهتمون بالشأن العقاري على مدار الأعوام الماضية حتى اليوم في رصد أبرز الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة السكن في المملكة من وجهة نظر كل منهم، على النحو الآتي:
الاحتكار والمضاربات
يرى بعض المهتمين بالشأن العقاري أن أهم سبب لمشكلة الإسكان هو ارتفاع أسعار الأراضي، الذي تسبب به الاحتكار والمضاربات، وفق ما نصت عليه استراتيجية الإسكان التي أعدها مكتب استشاري عالمي بالتعاون مع وزارة الإسكان، حيث نصت الاستراتيجية على أنه لا يمكن حل أزمة الإسكان بدون كسر احتكار الأراضي وزيادة المعروض منها ومنع المضاربات، وذلك بفرض رسوم خدمات وفرض ضرائب على الأراضي البيضاء، ونزع الملكيات للمصلحة العامة، وإجبار الملاك على التطوير.
ويركز بعضهم إلى التلاعب بأسعار الأراضي من خلال المضاربات والمساهمات الوهمية، وغياب القوانين والأنظمة التي تنظم سوق العقار سواء فيما يتعلق بالبيع أو الشراء أو الإيجار، أو نسبة الربح أو حقوق الملاك أو المستأجرين.
الدخل المحدود
ويعزي بعضهم الأزمة إلى تدني مستوى الدخل لدى الغالبية العظمى من الموظفين أمام ذلك الغلاء الفاحش سواء في أسعار تملك العقارات أو استئجارها، أو القروض وفوائدها المترتبة عليها.
المواد وأساليب البناء
ويدين بعضهم الإسراف في مساحات المساكن سواء أكانت فللاً أم شققاً، والإسراف في كميات المواد المستخدمة في تنفيذها مثل الأسمنت والحديد والأشكال الهندسية. والمظاهر البراقة، والاعتماد على مواد البناء المستوردة وعدم توفر بديل محلي أرخص ثمناً منها يمكن أن يشكل بديلاً منافساً لها، وعدم وجود توجه نحو ما يسمى بالسكن الاقتصادي الذي يكون ذا جودة عالية وباستخدام مواد متوفرة محلياً بأسعار مناسبة ومساحات معقولة ومواصفات مقبولة.
ويتوقف آخرون أمام محدودية عدد شركات التطوير العقاري وبالتالي غياب المنافسة بين الموجود منها من حيث الجودة والأسعار والضمانات وخدمات ما بعد البيع.
ويرى آخرون أن من الأسباب ارتفاع أسعار مواد البناء وعدم وجود بدائل محلية لها.
ويتهم آخرون طرق وأساليب البناء التي يرون أنها تسببت أيضا في ارتفاع تكلفة البناء وبالتالي غلاء الوحدات السكنية على المستهلك النهائي وهو المواطن باستخدام كميات ضخمة من الحديد والأسمنت تفوق حاجة الطلب مع استخدام مسحات كبيرة داخل المنزل وارتفاعات عالية تزيد من استخدام مواد بناء أكثر وبالتالي تزيد تكلفة البناء تلك الزيادة منعت الكثيرين من الحصول على سكن بأسعار مناسبة ويرجع السبب في ذلك إليى ضعف خبرة العاملين في مجال التعمير والبناء الذين هم خليط من جنسيات عربية وآسيوية ذوو خبرات محدودة تتناقل فيما بينهم بأخطائها فى كل مشروع.
البنوك
ويحمل بعضهم قطاع البنوك والمصارف مسؤولية الإسهام بشكل مباشر في تفشي مشكلة الإسكان بالمملكة وبالتالي ارتفاع عدد المواطنين الغير حاصلين على سكن في الوقت الحالي بعزوفهم عن تقديم منتجات بنكية تشمل قروض وتسهيلات تعمل على تشجيع المواطنين من الحصول على سكن خاص منذ بداية الطفرة بالمملكة في منتصف السبعينيات مرورا بعقد الثمانينيات والتسعينيات الميلادية وحتى الآن ويبدو ذلك جليا في نسبة القروض العقارية التي لاتتجاوز نسبة 12% مقارنة بإجمالي القروض الشخصية والاستهلاكية والتي وصلت بنهاية الربع الثاني من العام الجاري 2013م إلى 340 مليار ريال.
الثقافة الغائبة
ويشير آخرون إلى ضعف ثقافة المواطن بشأن أهمية تملك السكن في الماضي خاصة خلال فترة السبعينيات والثمانينيات الميلادية على اعتبار أن مغادرة الأبناء منزل الوالدين بعد الزواج كان يعد عملا غير أخلاقي أو من العيب القيام به ويدرج تحت مسمى عقوق الوالدين لكن بعد زيادة الوعي بهذه الناحية بدأ من التسعينيات الميلادية تغير المفاهيم وبدأ الطلب على السكن الخاص يرتفع وبالتالي ارتفعت معه تكلفة الحصول على سكن خاص.
الأنظمة والقوانين
وتوقف آخرون أمام الأنظمة والقوانين التي منعت تعدد الأدوار في السابق وأخرت قرار تملك الشقق ولم توجد حتى الآن اتحاد ملاك للعقارت متعددة الأدوار كالعمائر والمجمعات السكنية ولم تضع ضوابط تحكم العلاقة بين المالك والمستاجر إلى جانب عدم تخصيص مناطق خاصة بسكن العمال خارج المدن كما يحدث في بعض الدول كلها عوامل ساعدت على استفحال مشكلة الإسكان في المملكة وزادت من صعوبة الحصول على سكن مناسب بأسعار معقولة بما يتماشى مع دخل الفرد بالمملكة.
الهجرة الداخلية
ويرى بعضهم أن المشكلة تبرز في المدن الكبيرة نتيجة للهجرة الداخلية للمدن الكبرى التي تؤدي إلى وفرة المساكن في المدن الصغيرة بينما تتسبب في أزمة حقيقية داخل المدن العملاقة التي تستوعب الآلاف من المهاجرين. ويشير هؤلاء إلى أن مدينة الرياض مثلاً نمت بسبب الهجرة إليها وخاصة العمالة الأجنبية، ويوضحون أن أحد التقارير أثبتت نتائجه أن في حالة انتقال المواطن من مدينة صغيرة إلى مدينة كبيرة فإن ذلك من الممكن أن يؤدي إلى ارتفاع دخله النقدي بنسبة 10%، ولكن في الحقيقية فإن دخله الحقيقي يقل كثيراً لأن سعر السكن في هذه المدن مرتفع.
وزارة الإسكان
ومؤخرا تحدثت آراء عن أن وزارة الإسكان نفسها تزيد الأمور تعقيداً -حسب وجهة نظرهم- إذ يرون أنها بدلاً من أن تضع قرارات تساعد المواطن على إيجاد سكن كما نصت الاستراتيجية أصبحت القرارات تخدم التجار والمحتكرين. واستشهدوا بإقرار نظام الرهن العقاري ونظام القرض الإضافي ورفع مبلغ القرض العقاري؛ فمن وجهة نظرهم أن هذه القرارات، في ظل ارتفاع الأسعار الحالي، تخدم التجار لا المواطنين، بينما لو كانت الأسعار في وضعها الطبيعي فإن هذه القرارات ستخدم المواطن والتاجر على حدٍّ سواء. لأن هذه القرارات تزيد من السيولة، وتزيد من ثقة المضاربين والمحتكرين في السوق؛ ما يعني زيادة الأسعار، كما أنها تزيد من انتفاخ الفقاعة العقارية، التي إذا ما انفجرت فسيتضرر منها الجميع. إضافة إلى أن هذه القرارات تزيد من القدرة الشرائية الوهمية للمواطن؛ حيث إنها تسمح له بالحصول على قرض أكبر من قدرته؛ ما يعني دخوله في نفق مظلم من القروض، يزيد طوله على عشرين عاماً! وهذا يعني استقطاع ما يزيد على 40 % منt دخل المواطن لمدة عشرين سنة لصالح البنك.